د. منيرة المهاشير

هيكلة الواقع 2030

كنا نتوقع أن تكون هناك قرارات داعمة لرؤية التحول الوطني 2030 لكننا لم نتوقع ضخامتها. فلا يمكن أن يكون التغيير دون أن يكون هناك تعديل جذري في هيكلة الحكومة ومؤسساتها المدنية. ما حصل هو الأقرب لإعادة الهيكلة Restructuring، وترتيب أولويات الرؤى Prioritizing Visions واسقاط ذلك على المهام Management Functions والتوصيف الوظيفي Job Specification ولن أتحدث عن تغيير المناصب الوزارية أو تدويرها فالمعينون هم رجالات الدولة وموضع ثقة والدنا خادم الحرمين الشريفين، (والتجارب أثبتت أننا أمام توجه لحراك يدعم العمل المؤسسي ولا يقوم على وزراء بعينهم أو أشخاص) لكن لنتحدث عن الذكاء في لملمة بعثرة الأجهزة والهيئات والمؤسسات، وتوحيد صناعة القرار الذي اعاق نجاح الخطط السابقة وكان سببا في تهميش طموحاتنا حين تتحرك القرارات والمعاملات من دائرة لأخرى أو وزارة لأخرى ما بين مؤيد ومعارض، أو اليكتروني وورقي، وقس على بقية فوارق الأداء وبيئة العمل والتطوير وتقاطع المهام والصلاحيات.ولنقرأ هيكلة الحكومة على ضوء الرؤية فلا بد أن نشير لمعايير العمل المؤسسي في جمع بعثرة مؤسسات وهيئات تقويم التعليم ضمن هيئة واحدة لقياس مخرجات ونواتج التعليم وتوحيد بيت الخبرة والقرار لتضم تحت مظلتها كل أنشطة تقويم وقياس التعليم العام والعالي، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، مع دمج الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الاكاديمي والمركز الوطني للقياس والتقويم ومركز التقويم والاعتماد التقني والمهني. هذا القرار سيوحد الجهود والميزانيات والخبرات المبعثرة وسيكون الخط الأحمر لأداء وزارة التعليم. فصل الصناعة عن التجارة لتكون تحت مظلة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مع استبعاد مفردة البترول والثروة يدل على أننا مقبلون على تحدي الدخول ضمن نطاق كبرى الدول الصناعية وهذا لن يكون دون التحول للطاقة وتطوير المدن الصناعية، ولنبارك ضم هيئة الكهرباء لهذه المنظومة لتكون أول المستفيدين من حلحلة ديونها واحلال الطاقة البديلة ولربما النظيفة مكان البترول. دمج وزارة العمل بالشؤون الاجتماعية بمسمى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وإدراج الأوقاف تحت مظلتها فكرة تستحق وقفة طويلة لاختزال الجهود وصناديق الاستثمار والأوقاف المجمدة، وتأخر صرف استحقاقات المواطنين وتحسين أوضاع المتقاعدين والعاملين في القطاع الخاص، لكنها مربكة أمام مفارقات أنظمة العمل والخدمة المدنية وليكن المتوقع هو قرب معالجة اختلاف أنظمة العمل والتقاعد بين العمل والخدمة المدنية وبين مؤسسة التقاعد والتأمينات الاجتماعية وحاجة الأخيرتين للدمج. البيئة كما تمنينا كان لها نصيب من هيكلة وزارة البيئة والمياة والزراعة لتضم الهيئة العامة للارصاد وحماية البيئة والهيئة السعودية للحياة الفطرية والمؤسسة العامة لتحلية المياه.القرارات كانت جذرية بالتناسب مع ضخامة الدولة السعودية الثالثة برؤيتها المبهرة، وما زلنا نتوقع المزيد من خطط اعادة الهيكلة في الأيام المقبلة. لكن ينبغي ان نحتاط من التضخم في مسؤوليات وصلاحيات الأجهزة الوزارية الجديدة وأن نحيله لتضخم ايجابي، ولنا في وزارة التعليم بعد ضم الجامعات لها وتأخر الفصل الاداري والمالي شواهد كثيرة.