مبارك بوبشيت

الأولويات في الحياة

الإنسان - دون شك - في احتكاك دائم مع الناس والأشياء والأوقات.والإنسان فَضَّلهُ الله جل شأنه بالعقل، هذه الجوهرة التي تميزه عن بقية المخلوقات في الأرض، وميزة هذا العقل أنه يشع بنور البصيرة التي يرى بها ما لا يكون مرئياً.. فضوء العقل نافذ وجلي.. وأهم ما في ذلك أن يستخدم عقله في عملية ترتيب الأهداف والمهام. والأعمال - الأول فالأول والأهم فالمهم - وهذا ما شغل علماء النفس وجعلهم يؤلفون الكتب ويضعون النظريات ليستنير بها الإنسان في وضع خططه والاستفادة منها فاستفدنا من كتب الدكتور عبدالمنعم الزيادي.. والدكتور إبراهيم القعيد وخاصة كتاب د. العقيد: العادات العشر للشخصية الناجحة، حيث أسهب تحت عنوان (ترتيب الأولويات) وطرح سؤالاً على كل مثقف بل على كل إنسان أن يحاول أن يجيب عنه. وهذا ملخصه:الوقت مادة ثمينة وهو ينساب بسرعة هائلة فماذا تفعل لتحقق أهدافا رسمتَها في ذهنك؟ إذ يجب ترتيب الأولويات فهناك العاجل منها وهناك المهم جداً والضروري وغير الضروري. وكذلك غير العاجل.. وكن مستيقظاً للوقت حتى لا يضيع وتندم والأولوية والأفضلية والأحقية والأهمية والأولى والأفضل والأحق والأهم. كلمات لها معانٍ مترادفة في مفهومنا العادي بغض النظر عن مدلولاتها اللغوية المتعددة، كلمات نستخدمها في أحاديثنا وفي نصائحنا وتوجيهاتنا لمن نخصهم بالحديث أو النصح أو التوجيه من الأبناء والإخوان والأصدقاء. وكثيراً ما نستخدم تلك الكلمات في حياتنا الاجتماعية والأسرية وقد عني القرآن الكريم بالأولويات مباشرة أو ضمنياً في عدة آيات بالقرآن الكريم، إذ حث على الأخذ في بعض الأحكام الشرعية في الحالات التي يكون لك خيار فيها. فمثلاً العفو أولى من القصاص وهو حق شرعي لك هنا حرية الاختيار بين القصاص والعفو قال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) الآية 40 من سورة الشورى. الجنح للسلم أولى من الحرب حتى ولو كنت قوياً قادراً على كسب الحرب، قال تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) الآية 61 من سورة الأنفال.وفي حياتنا الاجتماعية والأسرية تأتي أولويات يجب علينا الأخذ بها وإن تعارضت مع بعض العادات والتقاليد. فقول الحق اولى من مجاملة الأهل أو الأصدقاء قال تعالى: (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا). الأخذ بالتعليمات والنظم والقوانين أولى من المثالية الزائفة التي نتحلى بها لكسب قلوب ومواقف بعض الأشخاص المقربين إلينا والإخلال بالأنظمة. سترعيوب المرأة المطلقة أولى من إفشاء أسرارها وإبراز عيوبها للناس أو حتى لأهلها قال تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير) والحلق أولى من التقصير في الحج أو العمرة واللحد أولى من الشق في دفن الموتى والوقاية أولى من العلاج في الأمراض العامة. الزكاة والصدقة أولى بها المحتاجون من ذوي القربى والجار أولى من البعيد والبر والإحسان، وإصلاح عيوبك أولى من إصلاح عيوب الآخرين والصمت اولى من المراء والجدل ومحاورة الجاهل وتزويج ابنك أولى من زواجك بزوجة ثانية وتعليم الفقير صنعةً أولى من إعطائه صدقة.والولاء والانتماء لوطنك أولى من تأييد ومناصرة التيارات الزائفة واتباع الشيطان.ترك الجدل أولى من التمادي فيه ولو كنت على حق، تقديم الوالدين على الزوجة والأبناء فهما اولى بالحب والبر والإحسان من غيرهما (وبالوالدين إحسانا).الصبر على المصيبة أولى من التضجر والتذمر منها والشكوى لغير الله خاصة في المرض وقلة الحيلة (وإن تصبروا خير لكم). والأخذ باليقين أولى من التخمين في العبادات وفيما يتعلق بالآخرين. حسن الظن أولى من سوء الظن (إن بعض الظن إثم) والمدح والثناء للآخرين وتزكيتهم أولى من تزكية نفسك. أمثلة الأولويات في حياتنا الاجتماعية كثيرة جداً، لنعط الأولويات حقها في حياتنا الخاصة، وفيما يتعلق بالآخرين فهذا جدير بضمان حياة سعيدة ترضي الله أولاً وترضي من حولك، وإن كنت على حق فلا تخش لومة لائم فالحق يعلو ولا يعلى عليه.