عضو مركزية بـ «فتح» لـ اليوم: لدينا تخوفات على حياة «أبو مازن» وعلى «حماس» توطين نفسها
قالت عضو اللجنة المركزية في حركة فتح الدكتورة آمال حمد: إن حركته لديها مخاوف حقيقية على حياة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وذكرت في سياق حوار مطول أجراه معها مراسل «اليوم» في مدينة غزة أن الحراك السياسي الذي يقوده أبو مازن دوليا وإقليميا فضح إسرائيل، وأظهر وجهها الحقيقي أمام العالم، ما يعني أنه قد يكون مهددا بالخطر أو إعادة تطبيق تجربة اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) معه. وأوضحت حمد أن اتمام المصالحة بالنسبة لحركته استراتيجية وطنية مهمة، وأنه لا يكفي الحديث عن إيجابيات باللقاءات التي تجرى بين حركتها وحماس في العاصمة القطرية الدوحة، مطالبة حماس بتوطين نفسها واعتماد الشعب الفلسطيني كمرجعية رئيسة لها مع التخلي عن كل من يحاول استخدامها ليصبح لاعبا بالمنطقة. وقالت عضو مركزية فتح: «وأود أن أختم حواري مع صحيفة «اليوم» بالقول: «إن المملكة العربية السعودية تلعب دورا رياديا، في إحداث تغيرات مهمة بالساحة العربية، أسهمت في المحافظة على النظام العربي الذى كان مخططا له الانهيار والانتهاء، وأنا أثمن الاهتمام السعودي تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية... وفيما يلي نص الحوار: ما الذي يعيق اتمام المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس رغم عقد عدة لقاءات بين الطرفين مؤخرا؟ - أود الحديث هنا بشكل واضح، نحن في حركة فتح لدينا بوصلة واضحة، ونعتبر المصالحة خيارا استراتيجيا، على أرضية أن التناقض الرئيس يجب أن يكون مع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي المطلوب إنهاء حالة الانقسام وتوحيد الصف وفقا لما جاء فى اتفاق القاهرة الذي حضرته كل فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني. وفيما بعد جرى الحديث عن تفاهمات في الشاطئ، وتفاهم آخر بالدوحة، لكننا نعتبر أن إنهاء الانقسام يجب أن يتم وفقا لاتفاق القاهرة، ونحن ذهبنا إلى أكثر من مكان لعقد لقاءات المصالحة وكان آخرها العاصمة القطرية الدوحة. والحديث يدور عن أجواء ايجابية في اللقاءات، لكن الأجواء الإيجابية غير كافية والحديث عن نوايا طيبة أيضا غير كاف، والمطلوب أن تتوافر إرادة حقيقية من حركة حماس لإتمام المصالحة، والمدخل لذلك الاتفاق على برنامج سياسي لحكومة الوحدة الوطنية، المنوي تشكيلها، لأنه لا يجوز أن تشكل حكومة دون برنامج سياسي. ما طبيعة هذا البرنامج؟ - البرنامج السياسي المطلوب التوافق عليه، هو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، الذي يتحدث عن دولة فلسطينية فى حدود الرابع من حزيران 1976. ويتحدث عن أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، ويتحدث عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لكن - للأسف - حماس لم تحسم موقفها تجاه ذلك حتى اللحظة، وترغب في حكومة دون برنامج سياسي. الجميع يدرك أن الأساس في إنهاء الانقسام هو تشكيل حكومة وحدة وطنية تذهب فى اتجاه عقد انتخابات تشريعية ورئاسية، ومجلس وطني، والمطلوب من تلك الحكومة تشكيل حالة وفاق وطني، تعزز عبرها فكرة الاحتكام إلى الشعب الفلسطيني. لكن الحديث مرة من قبل حماس عن موظفيها الذين عينتهم عقب الانقسام، والحديث مرة أخرى عن عقد المجلس التشريعي الفلسطيني ومحددات هنا وهناك، هذا لن يذهب بنا نحو انتهاء الانقسام.والأصل هو تشكيل تلك الحكومة بمشاركة كافة الفصائل الإسلامية والوطنية، وتكون مهمتها محددة وهي توحيد شطري الوطني (غزة والضفة) والذهاب إلى انتخابات، وحتى هذه اللحظة لم يتم التوافق على هذين الملفين (الحكومة، وموظفي حماس). هل تم ترحيل تلك الملفات العالقة إلى اللقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني وخالد مشغل بالدوحة؟ - هذا اللقاء يفترض أنه تتويج للاتفاق المتوقع بأن يصل الطرفان له، وطالما هناك ملاحظات ونقاط لم يتم التوصل فيها إلى اتفاق، فإننا ضد ذهاب (أبو مازن) إلى اللقاء، لأنه من غير المعقول والقبول أن يجلس أبو مازن مع مشعل دون الخروج باتفاق ينهي الانقسام، لذا أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الجولات الحوارية مع حماس، بمشاركة أعضاء اللجنة المركزية لفتح. نحن من منطلق قناعتنا باتمام المصالحة كنا رفعنا عدد أعضاء وفدنا في حوارات المصالحة إلى ستة أعضاء بدلا من اثنين، وهذا دليل قاطع يؤكد اهتمامنا بإنهاء الانقسام واتمام المصالحة، وتعزيز وحدة الصف الفلسطيني في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة على الشعب الفلسطيني. هل لا تزالون متمسكين بالقاهرة كراع أساس لإنهاء الانقسام؟ - نحن كفتح أصحاب مرجعية واضحة في ملف المصالحة، الذي رعى كل جلسات الحوار وهي القاهرة، ودورها لا يمكن انكاره، ونحن مع أي دور عربي يصب فى خدمة الشعب الفلسطيني، لذلك ذهب إلى الدوحة، لكن في لحظة انجاز أي اتفاق يجب أن يتوج بالقاهرة، واكرر: مرجعيتنا واضحة وهي مصر، وبالتالي أي اتفاق سينجز سيكون على أرض مصر، مع الحفاظ على أي جهد عربي. حديثك عن المرجعية يفتح الباب لسؤال عن طبيعة المرجعية التي تلمسونها من حماس خلال حواركم معها؟- للأسف الشديد أنا أريد أن أقول: في السابق كانت هناك مرجعيات خارجية تلعب فى الملف، وكانت غير معنية بانجاز المصالحة الفلسطينية، لوجود برامج وأجندات خاصة فيها، وكانت تسعى لتمريرها من خلال حماس وغير حماس، عبر المتاجرة بعذابات وهموم الشعب الفلسطيني، وقضيته الوطنية. أنا اليوم أتمنى على حماس أن يصبح الشعب الفلسطيني مرجعيتها وعنوانها، وأن توطن نفسها وألا تذهب في اتجاهات أخرى، وحركة الاخوان المسلمين العالمية التي تعتبر حماس الابن الشرعي لها، يتعين على حماس توطين نفسها، خاصة أنه لا يمكن لفتح إقصاء حماس، ولا يمكن لحماس إقصاء فتح، لكن ذلك على أرضية أن حماس جزء من الشعب الفلسطيني وبرنامجها برنامج الشعب الفلسطيني. أما أن تتبنى حماس أجندة الإخوان المسلمين، فإن ذلك لن يخدم حماس ولا المصالحة الفلسطينية، والمشروع الوطني الفلسطيني، لذا فإن رسالتي لحماس: أن تصبح حركة وطنية إسلامية بمرجعيات فلسطينية بعيدة كل البعد عن أي إملاءات أو وصايا إقليمية أو دولية، أو حتى اللعب فى الساحة الفلسطينية، لصالح حسابات أخرى بعيدة كل البعد عن الحسابات الفلسطينية. * هل تعتقدين أنه بات من المهم أن تكون الوحدة الفلسطينية عنوانا لدعم المنتفضين ضد الاحتلال؟ - إن المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي الحاصلة حاليا في مدن الضفة الغربية (الهبة الشعبية) جاءت نتيجة لممارسات الجيش الإسرائيل وقطعان المستوطنين ضد الفلسطينيين، وفي مقدمتها جرائم حرق وقتل وإعدام ميداني وتهويد المقدسات الإسلامية وانتهاك قدسية المسجد الأقصى المبارك، ومصادرة الأراضي لصالح الاستيطان، وبناء جدار الفصل العنصري، وصولا إلى حصار قطاع غزة، وهذه الهبة تقودها مجموعة من الشباب الفلسطيني الذين انتفضوا ضد الاحتلال من أجل عودة المسار إلى الاتجاه السليم، عقب حالة الإحباط الناجمة عن ممارسات الاحتلال، وانسداد الافق السياسي بشأن عملية السلام. الهبة الحالية في محطة مفصلية في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، تستدعي وحدة الصف الفلسطيني، التي يمكن أن تكون عنوانا حقيقيا للمرحلة التي يتطلب أن يكون الصراع الرئيس فيها مع الاحتلال الإسرائيلي وليس صراعا داخليا، ما يعنى الجبهة الفلسطينية عليها التوحد فورا، على أرضية برنامج سياسي يجمع عليه الكل الفلسطيني. والبوصلة يجب أن توجه نحو الاحتلال الإسرائيلي فقط، خصوصا أن هناك نوايا إسرائيلية لشن حرب على قطاع غزة، للنيل من الشعب الفلسطيني، مرة أخرى. في الوقت الذي تشتعل فيه الانتفاضة يقود أبو مازن حراكا دوليا لفضح إسرائيل.. ما أهمية ذلك الحراك في الوقت الذي تقلل بعض الفصائل من أهميته؟ - ما يجري من محاولات دبلوماسية وسياسية فلسطينية في الساحتين الدولية والإقليمية، هو واحد من خيارات القيادة الفلسطينية تجاه ايجاد بدائل عقب انسداد الأفق، ولنا تجربة سابقة من خلال ذلك الحراك، متمثلة فى انتزاع دولة فلسطينية، والانضمام إلى العشرات من الهيئات والمنظمات الدولية الحقوقية، في الأمم المتحدة، إضافة إلى الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية. وتاريخيا معروف أن العمل المقاوم يزرع والعمل السياسي يحصد، ونحن في حركة فتح زرعنا شهداء وأسرى ونحن نتحدث الآن بالتزامن مع ذكرى يوم الأسرى الفلسطيني، ونحن نتحدث عن مليون أسير سجنوا فى سجون الاحتلال منذ عام 1967م، وحاليا يوجد 7 آلاف منهم داخل السجون، وحتى لا نحمل (أبو مازن) أكثر من طاقته، وحتى لا ندخل فى مزايدات، فإننا إذا تحدثنا عن الهبة الشعبية المندلعة الآن فإن فتح تشارك فيها، وإذا تحدثنا عن الأسرى فإن ثلثي الأسرى من أبناء حركة فتح، وإذا تحدثنا عن المقاومة الشعبية فإن بوصلتها من أبناء فتح، يعني الحركة التي يقودها الرئيس الفلسطيني أبو مازن. ونحن في حركة فتح لم نسقط أي خيار من خياراتنا بالمقاومة، لكننا نحدد التكتيك وفقا للمكان والزمان والمرحلة، تقول: إن النضال السياسي والدبلوماسي واحد من الأدوات المفصلية فى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وكشف صورة الاحتلال الاجرامية عبر تعزيز فكرة المقاطعة الدولية له، ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، لم يأت من الهوى، وإنما جاء نتيجة لحراك سياسي واسع قادته فتح والقيادة الفلسطينية. وعندما انتزعنا الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية، كان انجازا للفلسطينيين، وعندما ذهبنا إلى محكمة الجنايات الدولية الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الاسرائيلي اعتبرا ذلك بمثابة القنبلة، لأنه لأول مرة فى التاريخ يجلس الفلسطينيون على طاولة الأمم المتحدة كدولة تحت الاحتلال، ويمنحها محاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم. وللأسف الشديد، عندما رفع علم فلسطين في الأمم المتحدة قلل البعض الفلسطيني من قيمة ذلك رغم ادراكهم أن ذاك العلم استشهد من أجله المئات من الفلسطينيين، وأنا أقول: إن حماس - تحديدا - تتعامل كخصم سياسي لنا لا يؤمن بالشراكة، ولو تؤمن بالشراكة والعمل الوطني مفتوح للجميع، وكل جهد سواء سياسيا أو دبلوماسيا أو مقاومة كان يخدم القضية الفلسطينية، لما قللنا من أهمية أي عمل، لكن - للأسف - حماس لا تؤمن بالشراكة أو بانجاز لا تكون هي على رأسه. حماس تعتبر نفسها فقط الموجودة فى الساحة الفلسطينية وتقاوم الاحتلال، ولو تحدثنا تاريخيا عن فتح فإنها قتلت أعدادا كثيرة من الجنود الإسرائيليين، تفوق ما قتلتهم حماس، واذا تحدثنا عن تحرير الأسرى فإن فتح فقط في صفقة واحدة في 83 حررت 4700 أسير فلسطيني، ومنهم محكوم مؤبدات، والتقليل من أي جهد سواء مقاومة أو سياسيا هدفه النيل من القيادة الفلسطينية، والمشروع الوطني وحركة فتح. وأنا أتمنى على حماس أن تعود إلى رشدها وأن تعتبر نفسها جزءا من الشعب الفلسطيني كما نعتبرها نحن جزءا من النسيج السياسي الفلسطيني، على أرضية الشراكة التي نؤمن نحن بها وليس على أرضية الإقصاء. وعلى حماس أن تدرك أن التوجه الفلسطيني نحو المؤتمر الدولي هدفه إنهاء الاحتلال، وتوفير الحماية الكاملة للشعب الفلسطيني. هل باتت فتح لديها تخوفات على حياة «أبو مازن» نتيجة تحركاته الدولية والإقليمية التي تغضب إسرائيل؟ - نحن ندرك تماما أن الاحتلال الإسرائيلي لا يرغب فى إعطاء الشعب الفلسطيني أي حق من حقوقه، والاحتلال يعمل وفقا لاستراتيجية مبنية على لغة القتل والدمار والاستهداف، والرئيس أبو مازن في سياسته السليمة كشف زيف دولة الاحتلال وكشفها أمام المجتمع الدولي وأظهرها كدولة لا تؤمن بالسلام ولا تؤمن بحلول سياسية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تملص من كافة الاتفاقيات التي جرى توقيعها في أوسلو تقريبا التي لم تعد قائمة أساسا، لأن حكومته المتطرفة لا تفهم إلا لغة الدم والقتل، لذا لا أستبعد أن يتعرض الرئيس أبو مازن لأي عملية اغتيال من قبل الاحتلال الإسرائيلي أو أدواته، كما حدث مع الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار). وأود أن أختم حواري مع صحيفة «اليوم» بالقول: إن المملكة العربية السعودية تلعب دورا رياديا، في إحداث تغيرات مهمة بالساحة العربية، أسهمت في المحافظة على النظام العربي الذى كان مخططا له بالانهيار والانتهاء، وأنا أثمن الاهتمام السعودي تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية.