مشاري العفالق

توعية الجاليات على الطريقة الغربية

من حين لآخر، أتلقى دعوات من بريطانيين للصلاة أو لشرب القهوة في الكنيسة أو حضور حلقات نقاش حول وجود الإله، أو أشاهد لوحات في الشوارع مثل "هل جربت أن تصلي"، وبعيداً عن جهود التبشير التي تحقق انتشاراً كبيراً خاصة في القارة الإفريقية فإن أساليب الدعوة للمسيحية تستحق التأمل.بينما تشكل الجالية الصينية مثلاً النسبة الأكبر من الدارسين في بريطانيا، تنشط بعض الجماعات في استضافة بعض الصينيين عن طريق تطبيقات اجتماعية لتنظيم الفعاليات العامة، ويقدمون للضيوف دروساً في اللغة الإنجليزية عن طريق شرح مقتطفات مختارة من الكتب السماوية في العهدين الحديث القديم.هذه الجلسات التي تصادفها من حين لآخر في المقاهي تنظم للالتقاء بفئات أخرى غير العمالة مثلاً كما يحدث في أغلب الأنشطة التي تقيمها مؤسسات توعية الجاليات في المملكة وبصورة موجهة يغلب عليها الطابع البيروقراطي، وبأسلوب لا ينسجم مع جميع الشرائح والجنسيات المتواجدة في المملكة.هذا الأسلوب في إرشاد الناس إلى تعلم الدين والإيمان بالله لا يعتمد على العدد وليس من المنطقي أن يكون الإحتفاء على طريقة الرسائل التي تطالعنا من حين لآخر من المؤسسات المحلية حول عدد الذين أشهروا إسلامهم خلال هذا الشهر أو ذاك، بعيداً عن حقيقة أن الإيمان يحتاج إلى وقت يبلغ فيه قلب صاحبه.في المنتديات العامة تنظيم عدة منظمات أشبه ما تكون بوكالات السفر والسياحة برامج للمتطوعين من الشعب البريطاني للسفر إلى دول محتاجة في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية للشاركة في أعمال إغاثية تعلم الشباب كيف يعتمدون على أنفسهم ويكتسبون الخبرات الدولية ويتطوعون في خدمة الآخرين بالإضافة إلى توطيف تلك الإعانات في أعمال التبشير.حينما تدخل مطاعم الوجبات السريعة التي يرتادها الشباب بصورة أكبر تجد أحياناً من يفتح الحديث معهم ومع الأجانب بصورة لطيفة، ويدعوهم للقاء أو جلسة شاي للحديث عن قضايا الإيمان أو الدعوة للمسيحية، بطرق فردية واجتماعية لا تظهر بصورة بيروقراطية مؤسسية تقليدية.هذا المفهوم لتجسيد الهيئة في العلاقات الإنسانية الإجتماعية يمكن اعتبارها حجر الأساس في أعمال التبشير التي ترعاها الكنائس والمتطوعون في الغرب، وهي أيضاً منسجمة إلى حد كبير مفهوم الخيارات الذاتية (personalization) في تطبيقات الجيل الثاني من المجتمعات الإلكترونية على شبكة الإنترنت.ما يحدث في الغرب ببساطة يحدث في جميع البلدان من محاولة لنشر الرسالة الدينية لكن الممارسات الغربية تتفوق في الأساليب وتقترب من شرائح أكبر من المجتمع، وتبدو أكثر فهماً وانسجاماً مع طريقة الحياة الحديثة، ولا تبالغ في الاتكاء على مدى إقناع الرسالة السماوية أو الاكتفاء بإبلاغ الآخرين بالرسالة بوسائل غير مناسبة كي لا تظهر منفرة أو تؤدي إلى نتائج عكسية.في السعودية مسؤولية الجهات القائمة على نشر الإسلام كبيرة وتتعدى في نظري مجرد شرح الإسلام لفئة محددة، فهل يعقل أن يتواجد عشرات الآلاف من غير العرب ومن غير المسلمين في المملكة لأعمال تجارية أو وظائف حكومية دون أن يتم التواصل معهم، تعريفهم بثقافة المنطقة وتراثها، وإعادة تقويم الصور النمطية التي تروجها بعض وسائل الإعلام حول العرب والمسلمين.من الجميل أن تحمل بعض المشاريع الحس الخيري أو الدعوة لعبادة الله أو جمع التبرعات لكن الأهم في هذا العصر هو كيفية صياغة تلك الأهداف في وسائل ملائمة تشجع الأعمال التطوعية وترفع من روح المسؤولية، وتقدم العرب والمسلمين بصورة حضارية وتقدم تطبيقاً لنصوص الإسلام التي تحث عن حسن التعامل.هذه التطبيقات تتطلب وضوحاً من قبل تلك الجهات التي تعمل في مجالات الدعوة والأعمال الإنسانية بأن تتبنى فكراً محباً للآخرين نابذاً للكراهية فلن تستقيم مبادئ الدعوة وتبلغ قلوب الآخرين مع دوافع الكراهية أوالغلظة والتي شوهت الإسلام وقدمت نماذج متطرفة أساءت لانتماءاتها الدينية والعرقية.