مشاري العفالق

وزارة الإسكان والسنون العجاف

سنوات طويلة والمواطنون ينتظرون ما سيؤول إليه الحال في حكاية طويلة عنوانها الإسكان في المملكة، تحليلات وآراء وأرقام ولا تزال الحكاية مستمرة، مملة ولا تشير إلى نهاية قريبة أو مقاربة منطقية لنهاية نفق طويل من الترقب والتكهنات.منذ أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله رحمه الله بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال لتنمية الإسكان وأسر كثيرة لا تجد مأوى تمني النفس بفرج قريب، خاصة وأن هذا المبلغ كاف بحسب دراسات الوزارة في ذلك الحين بأن يقدم منازل لنصف مليون عائلة.مرت السنون بين معاناة الوزارة في حل ألغاز لم تكن في الحسبان منها مثلاً، من يستحق المنزل؟ من ليس لديه منزل؟ من يأخذ الأولوية؟ إلى غيرها من الأسئلة التي لم تجد قواعد معلومات حقيقية لتستند عليها في ذلك الوقت، ولم تجد بدائل أو حلولا توفيقية.الوزارة اليوم تحولت في اتجاه مختلف تماماً واستراتيجية وإن لم تكن الأمور واضحة كما هي حالة الوزارة منذ إنشائها إلا أن قراءتها من بعيد يشير إلى أن الإستراتيجيات اختلف في علاج المشكلة، الوزير لم يعد يرى في المطورين تهديداً للمواطنين، ولم يعد الهدف تخفيض سعر الأراضي.في السابق كان أحد المآخذ على الوزارة عدم تقبلها لاقتصاديات السوق المحلي، الفارق الكبير بين شركات الإنشاءات من فئة «أ» و بعض من هم في فئة أقل والتي لديها مقدرات عمالية لكنها لا تستفيد من بناء منزل فردي، ولا ترى التفريط في مشاريع كبرى لحسابات غير معلومة.هذه الشركات تعلم بأن فائدتها كشركات كبرى مبنية على اقتصاديات الوفرة والنطاق لذا لم تكن لتستجيب لرغبات الوزارة في العمل معها، ومع هذا ظلت الوزارة مهتمة بالهامش الذي يمكن أن يذهب للمطور العقاري نظير وساطته بين شركات الإنشاءات ورغبات المواطن.اليوم نحن أمام مفارقة جديدة فوزارة الإسكان انفتحت تماماً على فكرة التعامل مع المطورين، لكن المشكلة أيضاً ستظل اقتصادية أيضاً، فنحن أمام سيولة كبيرة تنتظر دخول السوق، في المقابل فإن قدرات الشركات في السوق مقارنةً بالطلب المتوقع متواضعة، ومع هذا تبحث الوزارة حالياً عن تمويل اضافي.هذه الحالة تعني طلبا كبيرا مقابل عرض قليل، من جانب آخر تعني تحويل السوق إلى احتكار قلة هي شركات التطوير القادرة على تحقيق تقدم، وموردو المواد، في المقابل فإن أسعار الأراضي لم تنخفض بالشكل الذي كانت قد راهنت عليه منذ أربع سنوات إلا في حدود ضيقة لأراض تعرف لدى العقاريين بأراضي المضاربات.لا أعرف إن كان رهان الوزارة على فكرة الدخل في آلية السوق من خلال تحديد الأسعار لتكون ملائمة للمشتري والبائع، وأتمنى أن لا ترمي الوزارة بأوراقها في هذا الاتجاه، فهذه الطريقة يمكن أن تضبط الحالة في حال كان ميزان الكفتين مختلفا قليلاً أو كانت الحالة مؤقتة وعابرة فقط.في مثل هذه الحالة فإن إجبار 3 أطراف مختلفة لتحقيق أهداف غير تجارية لهم وبصورة مستمرة يصبح صعباً للغاية ففي حال إحجام موردي المواد أو الإنشاءات الكبرى أو كبار المطورين عن العمل بأعذار غير حقيقية أو مبالغ فيها مثلاً لن تتحمل الوزارة والمواطنون عواقب هذا الإجراء، والذي قد يؤدي إلى تعزيز السوق السوداء أيضاً.قضية بحجم الإسكان تحتاج قرارات متوازنة وعاجلة تسعف مئات الآلاف من الأسر السعودية التي تحلم بتوافر منزل يحمي مستقبل أفرادها ويغنيها عن جشع بعض المؤجرين والذين لم تصلهم فكرة تخفيض أسعار العقارات والتي روجت لها الوزارة سابقاً، ولا أدري كيف فهموا توجهات الوزارة الجديدة.