خليل الفزيع

الوطن.. وتحديات الواقع

في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى التي يعيشها الوطن، وفي ظروف الحرب التي فرضت عليه في الجنوب، وعلى ضوء الإرادة المباركة في محاربة الإرهاب، وفي ظل تحديات الأوضاع الإقليمية والدولية، وانسجاما مع السياسة الخارجية المتوازنة والحكيمة التي تنتهجها البلاد.. يظل تلاحم الجبهة الداخلية، قوة للصمود، وعاملا مساعدا للنصر، وقيمة وطنية تشكل سدا منيعا لحماية الوطن في مسيرته الظافرة نحو النصر المبين في كل الميادين بإذن الله. ومن عوامل صمود الجبهة الداخلية نبذ الخلافات الطائفية والقضاء على الممارسات غير المسئولة من الأفراد والمؤسسات الحكومية والأهلية، وإدراك المسئولية الوطنية والالتزام بتبعات هذه المسئولية، إلى جانب القضاء على الأمراض الاجتماعية المستوطنة، كالفساد المالي والإداري، وانتشار البطالة والفقر، وغير ذلك من الأمور التي تعمل الدولة جاهدة على محاربتها، بمساندة المواطنين الأوفياء لهذا الوطن العزيز وقيادته الحكيمة.. المخلصين لانتمائهم الوطني، ومسئولياتهم الإنسانية. في ظل هذه الظروف التي تعيشها البلاد، نرى من يحاول ارتكاب الممارسات الهادفة لزعزعة أمن الوطن واستقراره، ومن يحاول نشر الإشاعات المغرضة عن مسيرة الوطن الظافرة في طريق النصر المبين إن شاء الله، ومن يرتكب الحماقات لإثارة الفتنة بين أفراد هذا المجتمع الآمن والمستقر، ومن يتهاون في أداء واجباته الوطنية، ومسئولياته الوظيفية، والتزاماته الاجتماعية المؤثرة سلبيا عليه وعلى من حوله، فهناك من يتبنى الأفكار الإرهابية، ومن يتعاون مع أعداء الوطن، ومن يشكك في قدرات الوطن على تخطي العقبات، ومن يستغل نفوذه في الإساءة إلى الناس والاعتداء على الحريات الخاصة، ومن يعبث بالمال العام، ومن يستغل منصبه لتحقيق مصالح شخصية تتعارض مع المصلحة العامة، ومن يجعل منصبة مطية لممارسة التصرفات الانهزامية، ومن يتخذ الإهمال وعدم الشعور بالمسئولية سلوكا في كل تصرفاته الخاصة والعامة، والكل في هذا السوء سواسية، مع اختلاف درجات هذا السوء، تبعا لاختلاف الضرر المترتب على كل نوع من هذه المخالفات التي يصل بعضها إلى حد الجريمة النكراء. والممارسات الخاطئة بصفة عامة لها آثارها السيئة على المجتمع، فهي لا تعرقل مسيرته التنموية فقط، بل وتوفر أيضا المناخ المناسب لمزيد من الممارسات الانهزامية أو العدوانية ذات التأثير السلبي على المواطنين، إلى جانب ما يعنيه ذلك من تشويه لسمعة الوطن في نظر الآخرين، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار ما تمارسه بعض الجهات المشبوهة في تسخير إعلامها البائس للإساءة لهذا الوطن ومواطنيه، وهذا الإعلام يجد فرصته الذهبية في مثل هذه الممارسات التي يجرى إخضاعها للتكبير آلاف المرات تحت مجهر تزييف الواقع، وتشويه كل ما هو جميل ورائع من منجزات الوطن، بمساعدة أو حتى دون مساعدة من فئات ضالة ومضللة باعت نفسها للشيطان، وآثرت الانتماء للأجنبي بدل الانتماء للوطن. إن قوة الوطن مستمدة من قوة أبنائه، وإصرارهم على وحدتهم الوطنية، ووقوفهم الصارم في وجه كل من يحاول الإساءة إليه بأي شكل من الأشكال، وحرصهم على تجاوز كل عوامل التخلف والضعف والتسيب في أداء الواجب تجاه الذات وتجاه الغير، وليس من الحكمة الانشغال عن الوطن بما هو أدنى منه قيمة ومعنى، وليس من الإنسانية تجاهل القيم النبيلة والمبادئ السامية التي ميزت هذا المجتمع عن غيره من المجتمعات، وليس من العدل ارتكاب المعاصي والموبقات المعيبة، واستغلال السلطة، والعبث بالمال العام، واستغلال النفوذ. الوطن الذي انتصر على التحديات، جدير به أن ينتصر على السلبيات، ولن يتحقق ذلك إلا بتضافر الجميع من أجل بناء وطن يحقق المزيد من النجاحات في جميع المجالات، ويؤسس لمستقبل زاهر لأجياله القادمة. ومن باب حماية الوطن الاستقامة في الفكر والسلوك، ومن لا يحمي وطنه، لا يستحق الحياة على أرضه، أو كما قيل: (وطن لا تحميه.. لا تستحق العيش فيه).