لمى الغلاييني

ماذا لو؟

تلك العبارة الماكرة الترددات، والمغلفة بمبررات الحذر الحريص علينا قد تكون من أكبر المعيقات للخروج من منطقة الراحة السلبية واكتساب القوة الشخصية. ماذا لو اخترت القرار الخطأ؟ماذا لو لم تنجح تلك الفكرة؟ماذا لو فشلت في التغيير؟كثيرا ما نجد أنفسنا نقف في مفترق الطرق في بداية كل قرار نلتفت في حيرة وتنتابنا الهواجس والتساؤلات المقلقة بسبب ذلك الناقوس الداخلي، الذي تتردد موجاته في عقولنا منذ ذاكرة الطفولة البعيدة، حين برمجنا فيها من حولنا على عبارة تكررت كثيرا "كن حذرا".نفضل حينها أن نقبع منكمشين في منطقة الظل، حتى لو تضورنا جوعا من شح القرارات، ونحرم أنفسنا دون أن ندري من ألذ ما في مأدبة الحياة، وهي شجاعة الاختيار ومتعة التعلم من التجارب قد يكون خوفنا من اتخاذ القرار الخاطئ لاعتقادنا بأنه سيحرمنا من شيء ما، النقود، الأصدقاء، الأحباء، الوضع الاجتماعي، وتلك توقعات غير منطقية بأننا يجب أن نكون مثاليين، لكننا ننسى أننا نتعلم من خلال أخطائنا، لأن حاجتنا اللا منطقية للمثالية والسيطرة المرضية على نتيجة الأحداث تكبلان شجاعتنا في إحداث تغيير ما أو محاولة تحد جديدة. نحن ننظر إلى المجهول، ونحاول التنبؤ بالمستقبل، وهي قوى خارجية ليست في نطاق صلاحياتنا، فهل تشك في أنك تقود نفسك للجنون إذا أفرطت في ذلك. وحتى بعد صنع القرار يظل شبح القرار الخاطئ يطاردك باستمرار ويطالبك بتقييم الموقف، مما يجعلك تستمر في النظر للوراء وممارسة توبيخ الذات بـسياط كلمة «لو»، وهكذا تهدر طاقتك العصبية.مع استمرار هذه العقلية يظل القلق هو الصديق الحميم حتى عندما تكون النتيجة كما تمنيت، فهي مجرد مشاعر مؤقتة ريثما يحين ملامح القرار الجديد الذي سيضطرك لممارسة خطوات العملية التعذيبية كاملة مرة أخرى. ماذا لو اعتبرت كل عملية صناعة قرار هي اختيار بين طريقين كلاهما فرص ثرية لتجربة الحياة بأسلوب جديد، ولاكتشاف أبعاد جديدة أو علاقات من نوع مختلف.كل طريق منثور بالفرص برغم النتيجة، وفي كل مرة تواجه شيئا ما وتتعلم مواجهته بشجاعة سيرتفع احترامك لذاتك وتتلاشى مخاوفك بشكل لا حد له، وذلك فقط إذا اعتبرت نفسك تلميذا مجتهدا في جامعة كبيرة ومناهج دراستك هو العالم الذي تعيش فيه. كل خبرة تعتبر درسا قيما يتم تعلمه، فلم لا ندع القلق ونجعل من أي موقف تجربة تعليم لاكتساب معرفة جديدة عن أنفسنا والعالم من حولنا.