د. محمد حامد الغامدي

محاسن الأحساء

سكنت بحي "محاسن" بالأحساء قرابة العامين .. حي خططته شركة "أرامكو" لمنسوبيها.. من الأحياء الحديثة والراقية .. يوم الجمعة الماضي دخل هذا الحي التاريخ - للأسف - من بوابة الإرهاب .. مواطنون يصلّون الجمعة .. يجدون أنفسهم بين طلقات نار الإرهاب والتفجير .. ماذا ستكون عليه مشاعرهم وردود أفعالهم؟!الإرهاب يضرب .. خاصة في مساجد .. قبلها في الأحساء كان الإرهاب في مسجد بلدة "الدالوة" عام 2014.. نتساءل عن سر هذا الإرهاب : لماذا يستهدف المساجد؟! أسئلة مشروعة ومطروحة .. هناك أجوبة قد تكون صحيحة تأتي عن حقائق .. أو أجوبة اجتهادية عن تأويل وتفسيرات شخصية .. أو أجوبة مصنوعة ومغلّفة بالكذب لزيادة الأوجاع والأحقاد .. ربما تكون هناك إجابات لزيادة مساحة الفتنة .. البحث عن مصدر الجواب الصحيح مطلب .. الجواب الشافي الذي يعطي الثقة والإيمان والقناعات الإيجابية للمواطن العادي.من يستطيع طرح الأجوبة الصحيحة في ظل التناقضات؟! .. التاريخ يحمل في صفحاته أحكاما وضعها البشر .. تتوارثها الأجيال لتأكيد ومناصرة مواقف بذاتها وبعينها .. حتى أصبحت جزءا من سلامة العقيدة والدين وهي بخلاف ذلك .. تناقض فاضح لأفعال وتصرفات كثيرة ومتعددة .. والسؤال الكبير الذي يجب وضع حد له في هذا المجتمع السعودي : إذا كان كل طرف يرى الآخر كافرا .. فهل يحق لهذا الطرف أو ذاك قتل الطرف الآخر تقربا إلى الله؟!نحن نعيش في زمن لا مجال لإصدار الأحكام بناء على التفسيرات الشخصية للدين فتلكم بين الفرد وخالقه .. رسولنا محمد (صلى الله عليه وسلم) رسول رحمة .. فكيف أتى الإرهاب؟!.قتل النّاس في المساجد لم يأت من فراغ .. القانون وحده كفيل بوقف الصراعات والتناحر التاريخي .. ليس غير القانون شيء .. الأمن الاجتماعي جزء من الأمن الوطني .. إذا كان الجيش لحماية حدود الوطن، فيجب أن يكون هناك قانون حازم لحماية المجتمع .. قانون يلجم الاجتهادات .. قانون يوقف مداد التاريخ الزاخر بالشك والتناقض والعداء والمواقف السلبية.لفت نظري في أحد المقاطع على قنوات التواصل الاجتماعي - أثناء القبض على أحد الإرهابيين في مسجد محاسن - قول أحد المواطنين : [صوّروه .. علشان لا يغيرونه .. صوّروه) .. تعليق هذا المواطن العادي له مؤشراته، ودلالاته، وأبعاده الخطيرة .. كيف تولدت قناعته بأنه يمكن للأمن تغيير إرهابي بآخر بريء؟! على أي الحقائق بنى هذا المواطن تصوراته واتجاهاته وفكره ومواقفه؟!.. بالتأكيد يمثل صوتا موجودا معه وحوله .. يعني هناك آخرون يرون نفس الرأي هذا ونفس الاعتقاد .. وهناك في الطرف الآخر أقوال كلها خزي وعار وفتنة .. تنضح بالجهل والجهالة.هل هذا امتداد لذلك الأمر التاريخي؟! هل الأصوات التي ترتفع بتكفير الشيعة .. أو الأصوات من الطرف الشيعي ضد السنة، تأتي لصالح الوطن ولصالح الشيعة والسنة؟! إن التاريخ في صفحاته، يحمل شيئا أشبه بالنّار تحت الرّماد .. العقلاء وحدهم يستطيعون وضع حد لهذه المهازل التاريخية .. جعلتنا لقمة سائغة لكل الأعداء .. وبمجرد نفخ الرماد .. تنكشف النّار لتأكل اليابس والأخضر .. وهناك أعداء ينفخون لتوسعة مجال حرائق الفتن.لست بصدد وضع اقتراحات وتوصيات .. فإثارة الأسئلة تكفي .. أسئلة تبحث عن إجابات شافية .. هناك من يستطيع أن يضع حدا لكل التجاوزات لصالح أبناء الوطن الواحد .. نحن أمام مسؤولية تاريخية .. فرض القانون حماية وتماسكا ضرورة. لم يعد للعبودية - المسموح بها شرعا - مكانا بيننا.. فكيف نسمح لانفسنا (شيعة وسنة) بالتناحر والاختلاف على أحداث تاريخ انقضى؟! العداء لا يستمر .. [فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين] الشورى (40) .. تبقى الثوابت عند كل طرف محل احترام وتقدير وتبجيل، بفعل القانون الصارم الحازم لصالح الوطن ومستقبله.