د. جاسم الياقـوت

الإعلام الرياضي ودوره في مواجهة الغزو الفكري للأطفال والشباب

الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة. وهو أخطر من الغزو العسكري؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه. وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً.بقدر ما يقوم به الإعلام من خدمات كبرى في تطوير الحياة وتنمية المجتمعات بالاتجاه الذي يؤدي إلى زيادة المعارف وتوسيعها ونقلها وتعبئة الرأي العام في ما يتعلق بالقضايا التي تتحكم في تطوير الإنسان أو التي يتوقف عليها بقاء الجنس البشري، فإنه بسبب ارتباطه بالمصالح والاحتكارات، وبقدرات الدول الكبرى تكنولوجياً وتقنياً، فقد أضحى أداة خطرة للهيمنة والغزو الثقافي لاختراق العقل البشري وتدميره. وهذا ما يفسر لنا استخدام الدول المتقدمة للإعلام الدولي بقصد الغزو والسيطرة وغسل العقول بحيث تفوق أساليب الإعلام ومضامينه في فعاليتها وتأثيرها الجيوش المسلحة. وهو ما يفسر أيضا استثمار الغرب إلى تكنولوجيا الإعلام والاتصال لتحقيق أهداف استراتيجية يراد منها الهيمنة السياسية والفكرية، وتفتيت الدول وشعوبها ضماناً لوجودها المستمر فكرياً ونفسياً وسياسياً في هذه الدول. وإذا نظرنا من ناحية أخرى إلى الإعلام الرياضي نجد أن علينا أنه يتمثل في ذلك المضمون الذي يقدمه سواء للقارئ ان كان اعلاما مقروءا او للمشاهد ان كان مرئيا وللمستمع ان كان اعلاما سمعيا، ومدى مسايرته لروح المجتمع الموجود فيه، فيكون اما فعالا او مشوها له، خاصة ببث الاشاعات وتوجيه الرأي العام الى غايات غير صحيحة. ونظرا لاعتماد المتابع للشأن الرياضي على ما يقدمه الاعلام من أخبار وتقارير وما يقوم به من صياغة الواقع الرياضي فإذا قدمه كما هو كان مجرد خبر، وإذا تم التلاعب فيه كانت الازمات والمشاكل.لذلك كان لا بد من مراقبة هذا الهيكل حتى لا يصاب المتابع الرياضي بتمزق وتشتت الرؤى، ويفقد الثقة بذلك في كل ما يمت للرياضة بصلة في ذلك المجتمع المصغر المنظومة الرياضية المحلية.وتكمن ابرز سلبيات الاعلام الرياضي في البلاد العربية في النقاط التالية: التجاهل النسبي الذي يبرز في أعمدة الصحف والملحقات الرياضية للواقع الرياضي ومشاكل الفئات الشبابية وغياب التواصل بين المؤسسة الاعلامية والهياكل الرياضية من اتحاد واندية. واطلاق الاشاعات لإثارة البلبلة والفتن بين الجماهير الرياضية بما يعصف بالأهداف الرياضية النبيلة التي تهدف إليها الرياضة. ونرصد بعض أوجه التحسين التي يجب اتباعها في الإعلام الرياضي ومنها:دعم الاستثمار في المجال الاعلامي من خلال استغلال الدورات والمناسبات الهامة كانت محلية او اقليمية. كذلك تجهيز الملاعب والصالات بأماكن لائقة خاصة بالاعلاميين حتى يكون عملهم مثمرا وفي مستوى الحدث.وتسليط الاضواء على الفئات الشبابية والمواهب المدفونة حتى يكون للاعلام دور ريادي في هذا المجال، في ابرازها وصقل مواهبها ودعمها وتثقيفها رياضياً واجتماعياً.وفي النهاية نقول ان الاعلام الرياضي يمكن ان يلعب دورا فعالا في مواجهة الغزو الفكري وحماية أبنائنا الشباب وتنمية الثقافة الرياضية عن طريق ما يتم اعداده من البرامج التثقفية الهادفة لتحقيق اهدافنا السامية التي نستمدها من ديننا الحنيف والسنة النبوية الشريفة والتي تخدم بدورها اهداف حكومتنا الرشيدة في اعداد وتنمية الشباب الذين هم عماد المستقبل وفق اهداف واستراتيجيات وفرق عمل متخصصة في المجالات الإعلامية المختلفة التي تعمل على تفعيل الاعلام الرياضي في خلق الترابط الاجتماعي والوطني وتنمية روح الولاء والانتماء لهذا الوطن المعطاء. حفظ الله بلادنا وأدام نعمة الامن والأمان علينا انه سميع مجيب.