أنيسة عبداللطيف السماعيل

سماسرة الدم

أكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ال الشيخ أن المبالغة في الديات أمر مرفوض شرعا وعقلا، وقال في تصريح خاص لإحدى الصحف المحلية إن هذه المبالغات خرجت عن المعقول وذلك بان يطلب الورثة مبالغ طائلة قد تصل إلى خمسين مليونا من أين يأتون بها؟ انهم يرهقون ويهانون بسؤال الناس وهذه مبالغة كون التعويض يصل إلى هذا المبلغ الكبير.وعن تقنين هذا المبلغ ووضع سقف أعلى صرح سماحته بان التقنين صعب وأكثر ما قيل في ذلك انه تم تعويض ذوي القتيل بما يعادل سبع ديات وذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم، وصرح لولي الأمر الكلمة النافذة إذا زاد في هذا الموضوع وما تتطلبه المصلحة العامة. إن هذ التصريح الذي كنّا بحاجة إليه لكي نرحم من ذل نفسه وتوسل الجميع لجمع مبالغ الدية وباع كل ما يملك وتوجه لكل النفوس الخيرة كي تساعده على إنقاذ رقبة وحيده الذي زُج به في السجن وينتظر تنفيذ القصاص وينتظر رحمة من يساهم في إنقاذ تلك الرقبة التي ارتكبت جريمة القتل في ظروف قد تكون وليدة لحظتها واندفاع غير غير متعمد نتيجة الغضب والتهور أو التهديد والاندفاع.ان معاقبة القاتل وتنفيذ القصاص وطلب الدية من أهل القتيل أمور شرعها خالق هذا الكون؛ ليعم الأمن والامان والعدل والتشريع الذي يسود الأرض بتطبيق الأمور الشرعية بحيث تكون عادلة لينعم الجميع بالاستقرار، وبما ان الدية والمبالغة فيها وما يصاحبها من ذُل وهوان وقهر لمن يجمع المبلغ لكي ينقذ رقبة أحد ابنائه وما صرح به المفتي بان القاتل قد يكون قام بالتعدي والتهجم واثارة الآخر وان تحديد الدية يجب ان يكون لولي الأمر بان يعالج تلك الأمور وقطع الطريق على سماسرة الدم وانه تم تحديد الدية في عهد الصحابة بما يعادل سبع ديات، لذلك ان أملنا في المسؤولين وما يملكون من قوة وقدرة لتحديد ووضع سقف أعلى لتلك الديات التي أثقلت كاهل الكثير من الاسر التي ابتليت وعاشت أوقاتا عصيبة ترتجي رحمة الخالق وعطف أهل الخير أو عفو أهل القتيل. لذلك الجميع يأمل أن تكون هناك حلول يصدرها ولي الأمر تعالج هذه المعضلة التي أرهقت الكثير وأدمت قلوبهم وليس لهم بعد الله إلا صاحب الحزم والعزم بان يشكل لجانا شرعية برئاسة مفتي الديار تعمل على مناقشة هذا الموضوع وتبدي رأيها في هذه المبالغات والمبالغ التي ضاق الجميع منها وعجز عن دفع ثمنها لكي لا يتعرض من يسدد الدية للذل والهوان، وان نرحم من في الأرض ونحاول أن تكون المبالغ ليست بالمعجزة التي يعجز عن جمعها مهما حاول، وأن يعرف الجميع ان التسامح والرحمة والتراحم والعفو من صفات المسلم الحقيقي التي بها يكتمل خلقه.وكم عشنا قصصا سطر أصحابها معاني الرحمة والعفو عندما تنازلوا وانقذوا رقبة من القصاص وكسبوا رضا رب العالمين الذي رحمته تشمل الكون، نتامل الخير والمحبة والتسامح من الجميع وان نقطع على كل من يحاول أن يتاجر بدماء نفوس ارتكبت غلطة لم تكن تصدق انها ستنال منها ومن أهلها الكثير من الجهد والذل والقهر.