سالم اليامي

إيران قُبح الأفعال والأعذار

بدون منازع سيكون الحدث الأبرز في مطلع هذا العام الجديد التحرك السعودي نحو وقف الهرطقة السياسية والأمنية للنظام السياسي في إيران، والذي تمثل بصورة واضحة وجلية في نقطتين تم تصميمهما وتنفيذهما بشكل متقن ومثير للإعجاب من قبل الجهاز الإداري والسياسي الذي يوفر للقيادة في هذه البلاد اتخاذ القرار الذي يعبر وبصدق عن الموقف الحقيقي، ويدافع بحرفية عن المصالح الاكيدة للمملكة وشعبها. كثيرون ربما لا يعرفون عن طبيعة العلاقة في هذه البلاد بين القيادة والشعب، والتي اصفها كمواطن وكمراقب بأنها شيك على بياض يقدمه الناس لقيادتهم التي لا يشكون في انها تتوخى لهم ولأمن اطفالهم ومستقبلهم الافضل والأصلح، استشعرت كل ذلك من الرضا الذي غمر الناس بعد المؤتمر الصحفي غير المسبوق لمعالي وزير الخارجية الذي سرد فيه على اهل هذه البلاد نساء ورجالا صغارا وكبارا وقائع الافعال الاثمة تجاه بعثات المملكة الدبلوماسية في كل من مدينتي طهران ومشهد، ثم جاء اعلان قرار قيادة هذه البلاد الحازم برفض كل ذلك عبر قطع العلاقات الدبلوماسية، مع هذه الجماعة السياسية التي لم تجد دول الجوار على مدى هذه السنوات طريقة امنة تتجنب بها الحقد والطمع وجنون السيطرة من قبلها. قرار قطع العلاقات في مرجعياته القانونية والدولية حق سيادي يتخذ من قبل الحكومات والدول متى ما شعرت بأنها استنفدت كل وسائل التعاون مع الطرف الآخر، ومتى ما بينت الوقائع ان الطرف الاخر عضو لا يرجى منه النفع الذي هو احدى ثمرات التعاون. وعبر سلاسل من الافعال المشينة التي ليس اقلها التخريب السياسي والامنى والتحريض والتدخل في الشؤون الداخلية، كانت ثالثة الاثافي حرق مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية وترويع افراد البعثة الدبلوماسية والقنصلية وأسرهم، الممارسة الفجة للنظام الايراني لم تخف على احد حيث بدأت بتصريحات بليدة عن ايقاف عشرات المتورطين في تلك الأعمال مسلسل البلادة السياسية حاولت ايران خداع المجتمع الدولي به في أروقة مجلس الامن الدولي حيث اقرت بالجريمة، وتعهدت بعدم تكرارها، وهو ما اعتبر اعتذارا لا يعنينا نحن في المملكة العربية السعودية، لانه في الحقيقة اعتذار يفتقر للمصداقية، التي افتقدتها حركة السياسة في المنطقة مع هذا النظام منذ عقود. ثم انه ناقص فيما يخص المملكة ومكانتها وامنها وسلامة مواطنيها وتلاحم شعبها.هل سيعتذر العقل السياسي الشرير في ايران لنا نحن الشيعة، ونحن السنة، نحن السعوديين والسعوديات عندما لم ينجح بشكل مطلق في ايجاد ثغرة تضعف تماسكنا وتلاحمنا الوطني. هنا اقول بكل حرص انه يجب التنبه انه خلال العقود الاخيرة من مسيرة العلاقات المتوترة مع دولة ايران ومن خلال تعقد كثير من الموضوعات السياسية والأمنية في المنطقة، وفي العالم، ابتكر العقل السياسي في طهران مفهوم تعويم الهوية المذهبية في المنطقة، وركز عبر عدد من الوسائل والآليات المحلية والإقليمية والدولية التي اتخذت من الاداة الاعلامية المسار السريع للوصول للمستهدفين عبر آليتين الاولى اقناع اكبر عدد بوجود حقيقة التمايز المبني على الخلفية المذهبية، ومن ثم السعي وعبر مجموعة من السُبل الى تأكيد تلك القناعات وجعلها خلفيات لتحرك الافراد ومرجعية قوية لتصوراتهم الذهنية عن انفسهم وعن المجتمع المحيط بهم وفي دائرة اوسع عن طبيعة العلاقات ونمطيتها من خلال منظور الصراعات السياسية والاقتصادية، والثقافية. ان ابسط النماذج التي تدفعنا اليها القوى المهيمنة في طهران نموذج العداء العربي الفارسي في اطاره العرقي والثقافي العام والذي يتفرع عنه بطريقة آلية قد لا يتنبه اليها الكثيرون متضادة اخرى هي الشيعي مقابل السني، وهذه يبنى عليها في نهاية المنظومة صراعنا مع انفسنا ومع اهلنا ومع دواخلنا. هو مخطط مصمم بطريقة ان نحارب انفسنا وندمر مجتمعنا الامن المطمئن دون وعي؛ بحثا عن الحماية الوهمية التي تنشأ بناء على ردات الافعال العاطفية والسريعة وغير المحسوبة، لطموحات السيطرة، والقيادة، والنفوذ.من المؤكد أن هناك بين دولنا وبين العقلية السياسية في طهران مجموعة مسارات من انماط الصراع، التي ليس من بينها مسار الصراع المذهبي، او حتى الديني. بالوعي سنكتشف انها انماط صراعية تقوم على توظيف كل معطيات الدين والمذهب وعوامل الجوار والثقافة لأهداف سياسية بحتة.دورات توتر العلاقات، وقطعها، وحتى الانتقال الى مراحل اكثر عملية في مسيرة الصراع أمور يكثر حولها الحديث، والتوقع والتخمين. ويبقى الاكيد في خضم هذه العلاقة التي تستخدم فيها مكونات الدين والجوار صورة قبيحة لمخرجات النظام في طهران.