احمد سماحة

الدميني والتكريم

هو نص طويل لا يمكن لك - دون أن تقرأه جيدا - أن تدرك معناه أو تسبر أغواره، رغم بساطته المحببة وروحه المتألقة.وهو انسان يجعلك في اول لقاء لك به تؤكد لذاتك أنك تعرفه منذ زمن، وانك قابلته يوما ما في شوارع الفكر الفارهة وفي مدن الابداع المعقدة التضاريس والأسماء، وربما في أحلامك.. اذا كنت يوطوبيا مثلي.ليس شاعراً فقط، ولا روائياً أنجز عملا متميزا، ولكنه مثقف متميز له حضوره وفعاليته على الساحة الثقافية المحلية والعربية، إبداعاً ونقدا ومشاركة، قد تختلف معه أحيانا ولكنك تحترمه، فهو صاحب رؤية وفكر والحوار معه يقودك إلى مسالك عديدة، ومواقف فاعلة.في لقاء الصدفة الأول به لم تكن بيننا حواجز ما.. فقد تكسرت كل الحواجز التي كنت قد أقمتها وأقامها الآخرون عندما وطأت قدماي ارض هذا الوطن.كان اللقاء حميميا وكأننا اصدقاء نلتقي بعد فراق طويل.. هل هي الكلمة التي جمعتنا قبل ان نجتمع؟ ام الهدف والفكر والمصير المشترك الذي ننشده حينها للثقافة العربية؟الأسئلة كثيرة والاجابات تحملها سمات وجهه السمح والأليف وروحه الجميلة.. لن اتوقف عند ابداعه ولكني سأطرح سؤالا، ربما يجيب عليه يوما ما.. السؤال لا يتعلق بإبداعه الشعري الذي كسر حواجز التقليدية مبكرا لينطلق الى عوالم مغايرة فكرا وابداعا.. ولكن السؤال عن ماذا بعد «الغيمة الرصاصية..» الرواية التي انطلقت قوية ولم يعقبها بأخرى كما توقعت.لقد حاورته ذات مرة وكانت مقدمة الحوار ليست ببعيدة عن ما طرحته هنا:«أعوام طويلة وأنا أعرفه، ولكني لم أحاول أن أحاوره لأجل القارئ، وعندما صدرت روايته (الغيمة الرصاصية) وانتظرت أراقب ردود الفعل حولها، قررت ان أقدم على هذه المغامرة. يبدو الأمر سهلاً إذا كان حوارك مع شخص لا تعرفه، فستجد نفسك تدخل في العموميات والمطروق، ولكن الأمر هنا صعب، فأنت تحاور شخصاً تعرفه جيدا، وتعرف قدراته وإمكاناته وصراحته، وهو أيضا يعرفك والمساحة التي بينكما تتيح له أن يرفض بعض أسئلتك.لقد كان الحوار صعباً وممتعا في آن.. فقد تناول أمورا كثيرة وكان (علي الدميني) صريحا وواضحا كعادته في توصيل رؤيته او في تفصيل إجاباته.وبقيت نقطة هامة وهي كيف أقدم للقارئ علي الدميني؟هل أقول: إنه مثقف فاعل وشاعر أنتج عبر تجربته الطويلة عدة دواوين شعرية وعشرات القصائد ورواية واحدة، وشارك في هيئة تحرير مجلة النص الجديد، بل كان المحور الرئيس لتحريرها.أم أقول إن له مشاركات في الصحف والمجلات والمهرجانات والفعاليات الثقافية المحلية والعربية، والتي كان آخرها مشاركته في الموسم الثقافي لدارة الفنون التابعة لمؤسسات شومان في المملكة الأردنية.أم أتطرق الى الشخصية والمشاعر الانسانية لأؤكد ان علي الدميني الانسان (بكل معاني هذه الكلمة) أحد اهم من هوّن عليّ الغربة والاحباط في بدايات وصولي الى المملكة».لن اتوقف عند التفاصيل.. يمكننا أن نقول عن علي الدميني الكثير.. ولذا كنت اسأل:لماذا لم يكرم علي الدميني حتى الآن؟وكانت المبادرة من نادي المنطقة الشرقية الأدبي الذي كرمه الاربعاء الماضي هنا وفي مبني (اليوم) التي شهدت انطلاقته وتألقه.الحضور الذي ملأ المكان لم يكن غريبا والشهادات التي القيت لضيق الوقت قدمت القليل، ويبقى الكثير الذي نحمله في قلوبنا لهذا المبدع الإنسان.