عبد اللطيف الملحم

الطيار التركي.. بطل قومي أم ورطة داخلية

ما أن أعلنت روسيا -قبل عدة أسابيع- نيتها بالتحليق فوق الأراضي السورية وقيامها بمهمات هجومية، حتى بدأ الكثير يسأل ماذا يمكن أن يحدث؟. في الحقيقة، كان إسقاط أو تصادم طائرة أو على الأقل حصول سوء فهم في الأجواء السورية - التركية - العراقية - اللبنانية فقط عامل وقت. وتحدث الكل عن كل شيء فيما يخص الطلعات الجوية، ولكن لم يتحدث أحد عن الأخطاء البشرية التي ممكن أن تحدث في أكثر مناطق العالم حساسية. وأركز هنا على الخطأ البشري؛ لعدة أسباب، أهمها: إعلان روسيا عن نشر طائرات حربية في المنطقة، ولكننا لم نسمع شيئا عن الطائرات المساندة. فالطائرات المقاتلة دون عمليات الإسناد الراداري المحمول جوا (اواكس) أو الرادارات الأرضية أو طائرات التزود بالوقود أو طائرات البحث والإنقاذ ستكون عرضة لمخاطر كثيرة، ومنها سوء التقدير والخطأ البشري، وخاصة فيما يخص دخول أراض معادية. ومنذ اللحظة الأولى التي تم الإعلان فيها عن قيام طائرة ف- 16 تركية بإسقاط طائرة روسية نوع سوخوي إس يو- 24، بدأنا نسمع في عالمنا العربي الكثير من قصص النسج الخيالي المحاطة بنظريات المؤامرة بعضها عن القوة التركية وبعضها تحدث عن القوة الروسية. ففي العالم العربي وبسبب العاطفة يقف مع طرف ضد طرف آخر. وإذا علمنا بالتجهيزات الخاصة بطائرة ف- 16 التركية وهذا لا يشمل الطائرات الإسرائيلية أو الأمريكية، فأعتقد ان هناك جهازا لا يعمل بالطريقة المتكاملة (آي إف إف) المحدد للهوية، إذ لماذا لم يستطع الطيار التركي معرفة هوية الطائرة الروسية. وهل قامت تركيا بتغيير قواعد الاشتباك دون التنسيق مع حلف الناتو. فحلف الناتو معروف بأنه أي هجوم على أحد أعضائه الـ 28 يعتبر اعتداء عليه. فهل كان الطيار التركي لديه تنسيق مع المراقب الجوي التركي خاصة أن تركيا ليست في حالة حرب والطائرة الروسية لم تكن في وضع الهجوم؛ لأنها تطير بنسق ثابت على ارتفاع كبير وأجهزة الرصد الأمريكية بالتأكيد تعرف مسارها.ولماذا لم يقم بربط الهدف الكترونيا ثم فتحه كنوع من التنبيه الأخير (لوك اون). والغريب هو لماذا لم ينتبه الطيار الروسي لعملية بدء الترتيب لإطلاق صاروخ بإتجاهه. وللعلم تفتقر الكثير من الطائرات الروسية إلى أجهزة إلكترونية متطورة (أفيونيكس). وكذلك ماذا حصل للتردد الخاص بالأمور الطارئة بين الطيارين.ولكن في نهاية المطاف، فواضح أن الطيار التركي لم يكن يعرف هوية الطائرة التي أسقطها؛ لأنه من ناحية عملية كان يطير في وضع مظلم من الناحية العملية، وفي نفس الوقت واضح أن الطيار الروسي أيضا كان يطير في وضع مظلم، وإلا كان هناك من أخبره بأنه إما أنه داخل أجواء تركية أو أن طائرات تركية في وضع الهجوم.ففي نهاية المطاف، دعونا من العنتريات.. فتركيا من المؤكد لم ترغب في إسقاط الطائرة الروسية. وأعتقد أن الطيار التركي ورط دولته، والطيار الروسي غير جاهز وطائرته بها مشكلة إلكترونية فأحرج دولته.