د. عبدالوهاب بن سعيد القحطاني

إستراتيجية تنمية الموارد البشرية

يشهد العالم اليوم اضطرابات عديدة تهدد الاقتصاد العالمي ما يؤثر في الطلب على البترول الذي تشكل إيراداته نسبة كبيرة في ميزانية الدولة. وسيستمر التأثير النفسي لهذه الاضطرابات العالمية على طلب البترول ما يزيد من الاعتماد على القطاع الخاص السعودي في التوظيف والناتج المحلي. هذه حقيقة يجب أن ندركها من الناحية الاستراتيجية ونستثمرها اقتصادياً حتى نقلل من الاعتماد على الإيرادات البترولية ونستغلها الاستغلال الأمثل لتساعدنا على سد احتياجات التنمية القصيرة والطويلة. هذه البلاد الطيبة لا ينقصها المال أو الشباب الطموح أو النوايا الصادقة أو الفكر الاستراتيجي إنما تفتقر للتنفيذ الفاعل لما ورد في الخطط الخمسية من أهداف استراتيجية وتكتيكية تهدف لتطوير العنصر البشري السعودي في مختلف المهن. وقد يكون القصور غير المقصود في تنفيذ خطط الحكومة نتيجة ضعف الموارد البشرية في نواح عديدة مثل وظائف الإدارة من التخطيط والتنظيم والتوجيه والقيادة وتقييم الأداء والاتصال وصناعة القرار وغيرها من الوظائف الأساسية في الإدارة الناجحة، لذلك أرى أهمية تبني سياسات استراتيجية فاعلة للتدريب والتعليم المستمر في هذه النواحي لمواكبة ما يستجد من تطوير للمهارات البشرية عالمياً. وسيسهم تطوير العنصر البشري في تغذية القطاع الخاص بالموارد البشرية المؤهلة، فهي الأساس في القاعدة الاقتصادية الصناعية والتجارية غير البترولية، لذلك يجب أن تكون في وضع قوي وصحيح قبل تراجع ونضوب مفاجئ للبترول.تطوير وتنوع وتوسيع القاعدة الاقتصادية في المملكة يحتاج إلى تطوير الموارد البشرية بالتعليم والتدريب لأنها تشكل حجر الأساس في القيمة المضافة للمنتجات السعودية، وذلك بما ستملكه من معرفة وعلم ومهارات تجعلها مميزة ومصدراً للقوة التنافسية بين الموارد البشرية للشركات الأجنبية المنافسة. ويجدر بنا تحديد الأهداف الإستراتيجية من برامج تطوير الموارد البشرية في شتى المجالات والمهارات الضرورية، وذلك لزيادة قدراتها التنافسية. وما دمنا نرسخ فلسفة المورد البشري كمحور رئيس للتنمية فإنه من الأجدر إعداده للمنافسة الإعداد الصحيح، حيث من أجله وبه تتم التنمية إذا كان على درجة عالية من الاستعداد والجاهزية للمشاركة فيها.وبمراجعة عامة لمراكز التدريب في المملكة نجد الغالبية منها غير مؤهل للقيام بما تسعى إليه الدولة من طموحات وما تقدمه من مساعدات مالية للنهوض بالمورد البشري ما يستوجب قيام مراكز متخصصة في مجالات التدريب العديدة مثل التدريب الصحي والتدريب الفني والتدريب على الحاسوب والتدريب على التسويق والتدريب على صنع القرار وغيرها. لا تقابل الطفرة في عدد مراكز التدريب في المملكة تحسين في الجودة، حيث يغلب عليها الكمية ونقص في نوعية وجودة التدريب. وهنا أرى أهمية أن يكون لصندوق تنمية الموارد البشرية دور مباشر في التدريب والتأهيل من خلال مراكز متخصصة يؤسسها في المدن الكبيرة.