خالد الشريدة

تهديدات إيران.. آخرتها «ماكدونالدز»

التهديدات الإيرانية للسعودية ليست مثيرة للسخرية بقدر ما هي خطاب إعلامي ناعق لا يمكن الرد عليه في الإطار السياسي أو الإعلامي، فليست من دولة لديها دبلوماسية راشدة تطلق تصريحات مجانية وعدائية مع جيرانها على النحو الذي تفعله هذه الدولة، وعندما صنفتها كندا قبل عام ونصف تقريباً كدولة إرهابية فذلك لأنهم يضعون السلوكيات العدائية في موضعها اللائق بها كمشروع لفعل وعمل إرهابي فعلي من الصعب تخطيه والتعامل معه ككلام يمكن وصفه بالفارغ.التصريحات الإيرانية غير مركزية ويمكن أن يطلقها أي وزير أو خفير أو حتى عامل بلدية، ولكن سلتنا كبيرة تسع كل التصريحات دون أن نغفل الجانب العدائي الكامن فيها، وآخر تلك التصريحات صدر من قائد القوة البرية في الجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان، الذي هدّد المملكة بضربة عسكرية إن لم تكف عن القتال في اليمن، وقال خلال تصريحات له في برنامج "من طهران" إن"الجمهورية الإسلامية لا ترغب في النزاع مع السعودية "قبل أن يدعو الرياض إلى "الكف عن قتال إخوانها في اليمن".وهذا القائد العسكري الذي يتعامل بصورة منفردة مع دولة لا يعرف ماذا يقوله أو حدود ما يصرح به، ولذلك وفي نفس البرنامج يتناقض مع نفسه بقوله "الجمهورية الإسلامية لا ترغب في الاشتباك مع السعودية، إذ إنها بلد صديق وجار لنا"، وذلك يعني أنهم يريدون الشيء وضده، وهي حالة مرتبكة لا توجد إلا لدى المنافقين الذين يقولون قولا ويضمرون آخر، وقبل أن نتعامل مع تناقضاته وارتباكه، نسأل: هل إيران دولة عربية؟ ولماذا تجد نفسها مشغولة بالتدخل فيما هو عربي؟ هل لديها دين آخر يوجهها الى طبيعة عدائية وعنيفة مع جيرانها؟ ما المبررات الحقيقية لرغبتها في التطفل العربي؟.الكف عن القتال في اليمن أمر لا تحدده إيران مطلقا، ويفترض أنها ليست طرفا فيه من أي ناحية، وإذا بررت لنفسها التدخل فذلك يجب أن يكون واضحا حتى تأخذ مسار العدو الحربي والقتالي، وأن تكون أكثر استعدادا لمواجهة نحو مليار ونصف المليار مسلم وأنظمة مجلس الأمن والأمم المتحدة والقوانين الدولية، هي في الحقيقة تسعى لأن تكون طرفا في أي صراع بالمنطقة، وذلك ليس من صالحها ولكن طهران تحكمها جماعة من المتطرفين الذين لديهم طموحات توسعية عدائية.وليس بالضرورة مخاطبة مثل من يطلقون هذه التصريحات بصورة استفزازية لتجريب تنفيذ التهديدات لأنهم يعلمون أنه ليس بمقدورهم، فمنذ عقود ونحن نسمع ونقرأ تهديدات الوعيد لأمريكا وإسرائيل وأول ما سنحت فرصة بالاتفاق النووي تراجعوا لتبدأ محلات الماكدونالدز في افتتاح فروعها في مدن إيران وكأن شيئا لم يكن من عداء وخطب وشعارات تطلب الموت لأمريكا وإسرائيل، يعني الشغلة آخرتها كانت "ماكدونالدز" وبالهنا والشفا.وتلك التصريحات مزعجة فقط لأنها تصدّع الرؤوس، وغير ذلك فهي كتابة على الماء وحرث في البحر وجعجعة لا تملك هذه الدولة طاقة ولا قدرة لتنفيذها، وعلى المدى الطويل فإنها تجعل العلاقات أكثر فتورا وسوءا، لأنها تتضمن إساءات من الصعب تجاوزها، وذلك بافتراض إن بقي النظام الحالي ولم يتجه الإيرانيون للتغيير وفك الارتباط مع حكومة سيئة السمعة وغير قادرة سوى على الدس والكيد والتآمر.