سالم اليامي

ذوو الاحتياجات الثقافية

على إثر النجاحات المتلاحقة التي تحققها أجهزة الأمن الوطنية في ملاحقة فلول الفئات الضالة، والمنتمين للجماعات الإرهابية المندسة داخل الوطن، وما أعلن مؤخرا -وبتفاصيل كاملة- حول موقعين في مدينة الرياض أحدهما لتجهيز وصناعة أحزمة الموت الناسفة، والآخر لإيواء الانتحاريين فاقدي البصر والبصيرة، أقول على إثر ذلك كله، تردد في أجهزة إعلامنا سؤال حول أسباب انغماس الشباب السعودي في تنفيذ تلك الحماقات، بهذه الصورة المفجعة، وتسنى لي على المستوى الشخصي متابعة عدد من البرامج الحوارية والمشاركة في بعض منها، وكان الهم الأكبر هو الشباب، وحالة الضياع التي تسيطر عليهم. وتجعلهم وقودا رخيصا لمعارك الآخرين، وخنجرا حادا في خاصرة وطنهم ومواطنيهم. ومن المفيد في تلك الحوارات، تعدد مشارب وتخصصات الضيوف، حيث كان هناك المربون والإعلاميون والمختصون في شؤون الجماعات الإرهابية، علاوة على التربويين والمختصين في القضايا الشرعية والباحثين في القضايا الاجتماعية، وهذا ربما أعطى المتابعة طعما آخر تعددت فيه الرؤى والآراء، وتمازجت فيه الأفكار. ومع ذلك بقيت الحالة العامة ليست بذلك الوضوح عن الوضع العام للشباب في المجتمع السعودي المعاصر، ومن جانبي ازعم أنها حالة واسعة ينبغي لمن أراد الإحاطة بها وتتبع تفاصيلها تفحص عدد كبير من الأجزاء الصغيرة، وإزالة ما علق بها من مشاكل الحياة، وتبعات التطور، وتعقيدات الزمن المعاصر ليحصل على مخطط تقريبي لما عليه وضع الشباب اليوم في بلادنا، شبابنا مثل الشباب في أغلب المجتمعات الحديثة، يمر بصعوبات حياتية وعقبات تتشابه في توصيفها العام مع ما يمر به الشباب في أي مكان. ولان الفئة العُمرية التي تشكل نسبة مرتفعة من أعضاء المجتمع السعودي من الشباب، كان من الطبيعي أن يكون بينهم ما يمكن تسميتهم بذوي الاحتياجات الثقافية، وهم في الغالب نسبة قليلة، يميزهم على المستويات الشخصية والفكرية والتحصيلية العلمية والعملية قلة المعرفة وضعف الخبرة، وانعدام التجربة الشخصية والاجتماعية. وتضاف إلى هذه الخطوط العامة في الشخصية صفات أخرى سلبية في مجملها، وتتعلق بمستويات الإدراك والتفكير، والقبول والرفض، والتسليم بالأفكار، والمبادئ والمسلمات. أعود وأكرر أن هذه العينة مجموعة ذوي الاحتياجات الثقافية هم الصيد السمين والسهل للجماعات الإرهابية، حيث يُستخدمون كرأس حربة لتفتيت مجتمعاتهم من الداخل، وذلك عبر آلية شريرة، وماكرة، تبدأ بتجنيدهم بصورة تلقائية وكاملة عبر سلسلة من الولاءات والأوامر، غير القابلة للتفتيت والتجزئة، للقيام بأعمال تحقق أحلام الإنسان في تكوين المدينة الفاضلة. سلسلة من الأحلام والأوهام يبيعها من لا يعرفها إلى من لا يدرك حقيقتها. هذا جزء مختصر ويسير من توصيف الصورة العامة في استهداف هذه العينة من شبابنا، بقي القول أن من يأتون إلى هذه البلاد من الجنسيات الأخرى للعمل والمساهمة في حركة التنمية لدينا إخوة مرحب بهم بكل تأكيد، وهناك من بينهم للأسف! من يبيع كل شيء، نعم كل شيء لإنسان هذا الوطن وشبابه من اجل أهدافه الخاصة، التي هي أهداف مادية بحتة، واحتمال أن يكون فيها نسبة بسيطة تتعلق بالقناعات الخرقاء المتعاطفة مع تنظيم ما، كما انه من الوارد جدا أن تكون العملية برمتها التقاء مصالح لا أكثر، تتشكل على نحو ثلاثي الأبعاد، البعد الأول: إعلان الحرب على هذه الدولة ونظامها، واستقرارها. البعد الثاني: جعل ذوي الاحتياجات الثقافية من السعوديين أداة هذه الدائرة الصراعية العمياء. ثالثاً: إيجاد وتوفير المزود بأدوات القتل والدمار والتخريب، ومن الداخل. لتسهيل التخريب وتنظيمه بما يحقق مصالح، ومخططات المخربين ومن يقف وراءهم.