د. محمد حامد الغامدي

قناة سلمان.. الباحثون عن الوهم والعبث

أتعجب لتبريرات مشاريع الضياع العربية. جعلوها في سهولة شربة ماء. يركزون على جانب لا نراه. يعظمون أهمية جوانب أخرى، تبدو الأفضل والأكفأ. من جهتي أراها بعكس ما يدعون. نرجسية تطلعات حتى وإن قدموها في صحن من ذهب. هل يكذبون الكذبة، ويعظمونها، ثم يصدقونها؟! ماذا تحمل أفكارهم ومشاريعهم؟! هل لهم مصالح آنيّة وأنانيّة؟! هل مشاريعهم دجل، يدعون أنها علمية؟! أي مشروع يأتي بمشاكل فهو جزء من المشاكل نفسها. تشبعت بهذه الأفكار والمشاريع. عشت مشروع جلب جبال الثلج من القطب المتجمد. وفكرة مشروع أنابيب السلام. وفكرة شق قناة من الخليج العربي إلى الرياض، في سبعينيات القرن الماضي. روجوا أن الفكرة ستغير المناخ. جمّلوا المشروع لدرجة تخيلتها في حينه، كأحد أفلام دزني. وضعوا اللمسات (الخنفشارية) لدرجة العجب. ادعت أن المطر سيزيد على الصحراء. أتساءل هل سينزل المطر بسبب قناة، ولا ينزل من وجود شبه جزيرة بين ثلاثة بحار؟!. نام عباقرة بيوت الخبرة حقبة زمنية. فجأة صحونا على مشروع لقناة تربط بين البحر الأحمر والخليج العربي. وفيها تغيرت أهدافهم. تحولت إلى مجال النفط، والغاز، والمال، والسياحة، والقضاء على البطالة. أضافوا البعد الاقتصادي، لدغدغة قوى الضغط والمصالح، بحثا عن الثراء والمال، وعلى حساب كل شيء. هل يسعون لتغييب مضيق هرمز؟! هل يروجون لعجز العرب ودول الخليج عن مواجهة إيران بتحدياتها، وتطلعاتها، وتهديداتها المعلنة؟! يتجاهلون كون الممر دوليّا. يا جماعة التفكير، وشلّة اختراعات المشاريع، تهديد إيران يضرها ولا يضر العرب. آخر المشاريع العبثيّة، وبكل جرأة. محاولة إضفاء صبغة الأهمية. أليست تلك حيلة تحكم على المشروع بالفشل كفكرة؟! يا خسارة الوقت، نهدره على هذه الأفكار. تخرج علينا بين الفينة والأخرى كالبرق، وتختفي كالبرق أيضا. جاء من قال بشق قناة تصل بين الخليج العربي وبحر العرب، عبر صحراء الربع الخالي. أطلقوا عليها (قناة سلمان). كل هذا من أجل أن نقول لإيران طز. مبروك عليك يا إيران مضيق هرمز. هل هذا ما تريدون قوله؟!.  (تشدقت ضحكا) من هذه المشاريع. ليس لأنها خارج التغطية. ليس لأني خارج تغطية منظومة الخبراء، وبيوت الدراسات العبقرية. لكن لماذا تجاهلوا الأسهل والعملي والأكثر قبولا. مد أنابيب للغاز والبترول. والقطارات للبضائع وأكياس الأرز التي يشتهون؟!. السؤال: من يدفع لمثل هذه البيوت التي تدعي أنها بيوت خبرة؟! من يوجه؟! من يطلب هذه الأفكار ويسوقها؟! أسئلة لا يغطيها مجال رادار عقلي، رغم كوني أحد أبناء العرب العاربة. أسئلة حائرة وغائرة. هل هذه المشاريع سلعا تجارية؟! هل خلفها فكرا بأهداف مشبوهة؟! نتاجهم بائرا منطقيا، وبيئيا، وعسكريا، وسياسيا، ومودموانيا. اضحكوا معي. أليس هذا زمن الساخفات والتناقضات؟!.  التقارير العلمية الموثقة تقول بحلول (2050)، وبسبب ذوبان الجليد، سيزيد ارتفاع مياه البحار بحدود المتر. تؤكد أن المياه العذبة الجوفية ستتعرض للتملّح. كنتيجة ستعاني مناطق العالم مشاكل لا حصر لها. في وضعنا العجيب والغريب، سينقل عباقرة بيوت الخبرة والدراسات الاستراتيجية، مياه البحر المالحة إلى المياه الجوفية مباشرة. كأنهم لا يريدون انتظار أن تأتي مياه البحر بنفسها. اضحكوا ببلاش. هذا زمن تهريج بيوت الخبرة ودجلها. هل التخلي عن ممراتنا البحرية لإيران وغيرها هو الحل الذي يروجون؟! هل صيد الأموال نيتهم؟! هل تعطيل التنمية وبناء الإنسان هدفهم؟!.الخلاصة. الدفاع عن المياه الجوفية من هذه المشاريع هدف كاتبكم. مياه يتجاهلها أصحاب المشاريع العبثية. مياه لا يلتفت لأهميتها أحد. ليس فقط من أصحاب هذه المشاريع . لكن حتى على مستوى الجهات الرسمية. ومنها التوسعات الزراعية العشوائية. كأن الهدف الحصول على أموال الدولة بأي وسيلة. كمثال كان ثمن شراء الدولة أعزها الله للقمح المزروع في الصحاري يفوق (70) مليار ريال. سنوات معدودة، ثم خسرنا الأموال، والمياه الجوفية، وتوقفت مشاريع زراعة القمح. المياه الجوفية أهم من أي مشروع. مياه لا يمكن تعويضها. إنه الانتحار. مشروع القناه وغيرها، مؤشر على خطورة تفكير قائم. هذه مشاريع تدمير وهلاك للمياه الجوفية العذبة، والنّادرة، والمحدودة. المياه الجوفية في الربع الخالي مخزون إستراتيجي، يجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة. هذا وطن. على الجميع أن يفيق ويصحوا، ويتوقف عن مشاهدة أفلام الدزني الكرتونية.