أدار الندوة : عادل الذكر الله - متابعة : حمزة بوفهيد

تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال .. الإهمال يغتالهم

عصابات إجرامية وإرهابية تسعى إلى انتهاك براءة الأطفال عبر تطبيقات وألعاب حديثة في الأجهزة الذكية، متسللة إلى خصوصية هؤلاء الأطفال للبحث عن فرائسهم من صغار السن (من 10 إلى 16 عاما) وتبدأ في التواصل معهم برسائل وصور وألعاب جاذبة مبطنة بحب مزعوم، واحتواء لهم في بداية الأمر، وبعد السيطرة عليهم يبدؤون تنفيذ مخططاتهم سواء كانت جنسية أو فكرية أو إجرامية.وتستدرج تلك العصابات - معدومة الأخلاق - الأطفال ببث الصور الجنسية والأفكار المنحرفة وتسويق المخدرات وغيرها من الجرائم، إلى أن يتقبلها الطرف الآخر ويدمن مشاهدتها، ثم تبدأ رحلة السقوط في وحل الانحراف الفكري والأخلاقي.ولخطورة هذا الأمر على أبنائنا وبناتنا، تفتح «اليوم» الملف الشهري الحادي عشر تحت عنوان «تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال .. الإهمال يغتالهم»، بمشاركة أكاديميين وتربويين ومستشارين أسريين ونفسيين وتقنيين، فندوا هذه القضية من مختلف الجهات، وطرحوا أفكارا للوقاية والعلاج من الوقوع في مستنقع هذه المواقع والتطبيقات الحديثة شديدة الخطورة على مستقبل أطفالنا. وحذر المختصون من الأبعاد الخطيرة لهذه التطبيقات والألعاب على النشء، مشيرين إلى أنها تهدف إلى إفساد المجتمع إلى جانب أهدافها الاقتصادية الجشعة. لافتين - في الوقت نفسه - إلى أن أهم الأسباب المؤدية إلى التورط مع هذه البرامج هي : ضعف الوازع الديني وغياب الرقابة الذاتية ورقابة الأهل في المجتمع، مع سهولة الوصول للإنترنت، وغياب الثقافة الجنسية السليمة في المجتمع، وصعوبة الزواج نتيجة غلاء المهور، وأوقات الفراغ، وغياب التوعية، ورفقاء السوء وغيرها من الأسباب. ونبه الأكاديميون والمختصون إلى أن هذه التطبيقات يصعب التحكم فيها والسيطرة عليها لأن مصدرها خارج الحدود ولا يمكن اكتشاف من يدير تلك الشبكات التي يكون ضحاياها الأطفال والشباب، مشددين - في الوقت نفسه - على أن المملكة مستهدفة في هذا الإطار. وتباينت آراء عدد من المختصين والأكاديميين في الندوة التي عقدتها «اليوم» في دارة الدكتور عبدالله الجغيمان عضو مجلس الشورى الأربعائية الأسبوعية حول دور التربية الأسرية في التصدي لهذه التقنيات الحديثة المبتذلة. وحذر المشاركون في الندوة من أبعادها الخطيرة على النشء، مشيرين إلى أنها تهدف إلى إفساد المجتمع، إلى جانب أهدافها الاقتصادية. مطالبين بالوقوف بحزم تجاهها بسن قوانين صارمة تجرم من يجر هذه الفئة من المجتمع إلى مثل تلك المواقع الجنسية والمنحرفة أو الترويج لها، منوهين إلى أهمية إيجاد قوانين تجرم من يتواصل معها أو المشاركة فيها.وشددوا في الوقت نفسه على أهمية تضافر الجهود للتصدي للمشكلة، مؤكدين أن الخطر الذي يتهدد الأطفال يحتاج إلى عمل مؤسسي منظم، إلى جانب دور التوعية التي يجب أن تتشارك فيها الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد، مقترحين استحداث خطة وطنية متكاملة، وإنشاء عيادة لمكافحة الإدمان الإلكتروني وإعادة تعريف الإدمان، وتوفير برامج وأنشطة تقتل فراغ الأطفال والشباب، واستحداث مشاريع غير تقليدية تهتم بهوايات الفتيات، لإحباط هذه المحاولات التي تدمر الأطفال والشباب. إلى ذلك، قال الدكتور عبدالله بن محمد الجغيمان عضو مجلس الشورى: في السابق يقتصر وجود المواقع الإباحية على مواقع الإنترنت. أما في الوقت الحالي ومع التطور الإلكتروني فنجدها امتدت بشكل كبير إلى مواقع التواصل الاجتماعي بجميع أشكالها. أما عن أهدافها الأخرى - إلى جانب هدف إفساد المجتمع - فلها أهداف اقتصادية موجهة لأن فيها عوائد مالية ضخمة جدا، واستهدافها الأطفال يكون في البداية عبر فضول وحب استطلاع، ثم يتعلق الطفل بمثل هذه المواقع، بل يضطر إلى دفع رسوم بسيطة، لكنها بشكل مستمر من أجل تصفح تلك التطبيقات. تورط الأطفالوتابع: في أمريكا تجني هذه المواقع عوائد مالية تصل إلى 25 مليار دولار سنويا، وهي ثالث دخل مادي بعد تجارة المخدرات والدعارة. إذ نشرت صحيفة واشنطن بوست دراسة علمية صادرة عن معهد بون لاقتصاد العمل توصلت لنتيجة أثناء دراسة أجريت في هذا الجانب بأن 90% من المواقع الجنسية الناطقة بالعربية، تبث من إسرائيل، وهناك أسباب عدة لتورط الأطفال في هذه المواقع المنحرفة فكريا وأخلاقيا، منها : قلة الوازع الديني، غياب الرقابة الذاتية ورقابة الأهل في المجتمع، سهولة الوصول للإنترنت، وغياب الثقافة الجنسية السليمة في المجتمع، صعوبة الزواج نتيجة غلاء المهور، أوقات الفراغ، غياب التوعية، ورفقاء السوء، وهي أسباب إذا عالجها المجتمع يمكن أن تكون علاجاً للحد من هذه المشكلة.وزاد قائلا : في تصوري هناك ثلاثة أهداف للمصادر التي تستهدف الشباب والأطفال، هذه المصادر كل واحد له هدف يختلف عن الآخر، لكنها في الأخير تستهدف الشباب والأطفال، الجانب الأول: المملكة مستهدفة سواء من خلال المخدرات أو من خلال المواقع الإباحية، والدليل أن 90 % من المواقع العربية الجنسية تبث من إسرائيل. الجانب الثاني لهذه المواقع المنحرفة: أهداف اقتصادية حيث تدر عوائد مالية ضخمة جدا. أما الجانب الثالث فهو: جانب عبثي يمارس بشكل شخصي، عبارة عن ممارسات شخصية، مطالبا بسن أنظمة صارمة إلى جانب الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه وزارة الثقافة والإعلام. إذ إن هذه التطبيقات الإلكترونية مصدرها إعلامي بالدرجة الأولى وهي المغذية ولابد من وجود نظام صارم يجرم هذه المواقع، وكذلك تجريم من يتصفح ويدخل تلك المواقع وتجريم الأفراد الذين يجذبون الأطفال والمراهقين والسذج. نادرا جدا ما نسمع الإيقاع بمن يتاجر بموقع الكتروني إباحي ويتم التشهير به، مضيفا: في حال تم سن قوانين وأنظمة سيحد من انتشارها وقد يساعد ذلك في التخفيف من هذه المشكلة.مشكلة لا ظاهرةعلى الصعيد نفسه، قال المستشار الأسري عبدالإله بن عبدالله الدريويش: إن الموضوع المطروح يمثل ظاهرة أو مشكلة أقول: إذا عني بالموضوع دخول الناس واستخدامهم المواقع الإباحية بشكل عام فهو ظاهرة، أما إذا قصد اصطياد الأطفال من خلال النت واستغلالهم فكريا أو الابتزاز بالاستغلال الجنسي فهي مشكلة محدودة ولا تمثل ظاهرة. كما أن هناك فرقا بين التحرش الجنسي والاستغلال الجنسي، حيث إن التحرش الجنسي هو عملية استغلال الطفل جنسيا بمثل الكلام الجنسي أو الملامسة أو الاحتكاك أو الفعل الجنسي.وأضاف: إن أسباب وقوع الطفل فريسة للتحرش الجنسي بأنواعه، هي أسباب شخصية تتضمن أسبابا سلوكية وتتمثل في سلوك الطفل نفسه مثل الميوعة، ومن مظاهرها: التشبه في اللباس بالنساء أو بالشعر أو لبس الضيق أو غير المحتشم أو التكسر في الكلام، وأسبابه اجتماعية منها: القبول أو عدم المبالاة الاجتماعية، وأسباب أسرية من بينها ضعف التماسك الأسري والعزلة، والغياب الوالدي وغيرها الكثير. وللإعلام التربوي هنا أهمية حيث يلعب الإعلام دورا كبيرا في التربية ينافس بها أدوار الأسرة والمدرسة بصورة كبيرة، ويلاحظ أنه - للأسف - يتجه للعب المزيد من الأدوار مع تطور التقنية وتوافرها وازدياد عدد ساعات التفاعل بين الطفل والإعلام. وقد تطور الوجه الإعلامي بعدة صور، حيث شمل هذا التغير الانفتاح الإعلامي الهائل وسهولة التعامل مع الإعلام بجميع صوره، وتنوع وسائل التقنية المعينة في ذلك وتناسبها مع جميع الأعمار. إضافة إلى كثافة البرامج المقدمة، والخصوصية الكبيرة الممنوحة للطفل من خلال الأجهزة الخاصة بالأطفال، إضافة إلى عدد كبير من الأسباب، ولفت إلى أن غياب المناشط له دور هام، وبعض الأحيان إن وجدت البرامج والأنشطة ولدت ميتة. كما أن نظام الأندية الحالية يؤدي إلى الرتابة والملل وهي غير جاذبة للشباب، فالفتاة حبيسة المنزل تستقبل أفكارها من المسلسلات التي تهدم التربية ولها شحن عكسي، وأتمنى استحداث مواقع للهوايات حتى تلك الهوايات التي لم نقتنع بها، حيث إن مثل هذه المواقع والمراكز تنمي وتجمع أصحاب تلك الهوايات ويقضون فيها أوقاتا مفيدة، كما يمكن إنشاء مراكز مماثلة خاصة بالسيدات تلبي رغباتهن واحتياجاتهن المتنوعة. الأعمال التطوعيةواسترسل: يبدأ بعض الأطفال بعلاقة أو صداقة مع من هو أكبر منه عمرا، بهدف الحماية، وكذلك الحاجة المادية. حيث تجد ذلك الطفل أو الشاب بحاجة إلى أقرانه، ومن هنا تبدأ المشكلة، الصديق الكبير يغريه ويوفر له المقاطع الاباحية حتى تتحول عند هذا الطفل لحاجة يبحث عنها فيعطيه الصديق الكبير بالمقابل. مشيرا إلى أن الحل يكون برفع مستوى الرقابة، وكذلك رفع مستوى الدافعية والإنتاجية، وبهذا يمكن حل جانب من هذه المشكلة، ويمكن جذب الشباب والفتيات الانضمام تحت لواء المشاريع التطوعية. وبالفعل هناك عمل تطوعي لحجب المواقع الإباحية، ينخرط الشباب في الأعمال التطوعية عندما نوفر لهم التشجيع والامكانات، إضافة إلى المرونة معهم في مرحلتي الطفولة والشباب ما يجذبهم للاستمرار في العمل والمناشط والتطوع. وقال: يتطلب جزء من الحل إنشاء أندية للذكور والإناث لابد أن نستوعبهم لحمايتهم من هذا الخطر، وهناك برامج كثيرة للمرأة يمكن تنفيذها بضوابط شرعية، والتجمع تحت إشراف معين وإبداء الأفكار لتطوير المجتمع. ويوجد بالفعل مشروع تطوعي قدمته لجامعة الملك فيصل بالأحساء، وقد تفاجأت بالأعداد الكبيرة المشاركة في المشاريع التطوعية، والأكثر غرابة أن المشاركين هم أكثر الطلاب انشغالا، من كليتي الطب والهندسة. المفترض أنهم أكثر الطلاب انشغالا من غيرهم بحكم تخصصهم الأكاديمي، هذه الشريحة من الطلاب لديهم الحس الاجتماعي أعلى بكثير من أقرانهم في التخصصات الجامعية الأخرى. ومن ذلك يتضح لنا جليا أن الفئات الأخرى لا تميل للتطوع ولا ترغبه، هذه الفئة هي المشكلة التي يجب متابعتها وتوجيهها التوجيه الأمثل والصحيح، لأنها تملك وقتا من الفراغ لا يمكن - بأي حال من الأحوال - أن نتجاهله، كما أني تقدمت بمشروع متكامل لاستحداث عيادة لمكافحة الإدمان الإلكتروني.في الشأن نفسه، يرى الدكتور إبراهيم بن عبدالله المحبوب أن هذه التطبيقات الحديثة التي تحاول جر الأطفال والشباب لهذا المستنقع، بهدف مصالح تجارية، وأهواء وانحراف أخلاقي ليس إلا. مضيفا: هذه المواقع لا يمكن التحكم فيها لأن مصدرها خارج الحدود ولا يمكن اكتشاف من يدير تلك الشبكات التي يكون ضحاياها الأطفال والشباب. شبابنا يعيش حالة من الفراغ الكبير، كما أننا نلزم هؤلاء الشباب بأن يعيشوا حياة الآباء رغم اختلاف الزمن، أما فتاة اليوم فهي تعيش في مثلث برمودة، تنحصر بين بيت العائلة وبيت الأهل، نعم يتوافر للشباب والفتيات السكن المريح والغذاء، لكنهم متروكون للفراغ، حيث يفتقدون الكثير من الأماكن البديلة. في السابق كانت تتوافر مراكز القرآن الكريم، والمراكز الصيفية، شبابنا يعيش في فراغ يومي، وبالتالي يمكن استغلال الأطفال من هذا الجانب جانب الفراغ، خصوصا شريحة الفتيات اللاتي يفتقدن المشاريع والأماكن المفتوحة، حيث لا يوجد مشروع تجاري غير تقليدي واحد يستهدف العنصر النسائي.وزاد: المرأة بحاجة إلى برامج تقليدية تختلف عن البرامج الحالية التي توجه للمرأة التي تتماشى مع هذا العصر، بعيدا عن برامج التدريب على الخياطة وغيرها من البرامج التقليدية التي يتم تقديمها للمرأة حاليا. ويمكن أن نقابل تلك الهجمة الالكترونية الشرسة بأن نجعل الشريحة المستهدفة من قبل هذه المواقع الاباحية التي تستهدف فئة معينة ألا وهي الفئة التي تتمتع بفراغ كبير والفتيات المهملة داخل البيوت من خلال شغل هذا الفراغ، وبالتالي لا تجد تلك المواقع الالكترونية من يصغي إليها، ومن ضمن الحلول غير التقليدية استحداث أندية استثمارية للذكور، وأخرى مماثلة للإناث تكون بطريقة يتقبلها مجتمعنا المحافظ.الحجب غير مجدوقال : نحتاج إلى حلول غير تقليدية لحماية المجتمع من هذه المشكلة، حيث إن عملية الحجب التي تميزت بها المملكة، أصبحت غير مجدية ويتم حاليا تجاوز الحجب بسهولة من خلال البرامج ومواقع التصفح، وثقافة الحجب والمنع كسمة في مجتمعنا ربما من السهل أن يقنعك بأنها سلبية، لكنها لو فكرت فيها من ناحية الحماية فإن الحجب في رأيي الشخصي ولى زمانه. حاليا خلال دقائق ومن خلال بعض المواقع ودون برمجيات تصفح، يمكن لأي مستخدم أن يتجاوز هذا الحجب، عملية الحجب مقبولة نسبيا وتسهم في حل المشكلة بشكل جزئي، لكن لا يمكن الاعتماد عليها كحل شامل أو أنها آخر الحلول. وهناك شركات تعمل على عملية التقنين والحجب للمواقع الخاصة بالأطفال وذوي الأعمار دون الـ «18» سنة، عملية الحجب الشامل لا يمكن التحكم فيها وتأخذ الأخضر واليابس، وكلما ظهرت برامج لحجب المواقع، ظهرت مقابلها برامج مضادة لبرامج الحجب فهي حرب مستمرة لن تنتهي. واستطرد قائلا: لن ننتظر الفارس الأبيض الذي يمنحنا الحلول لأبنائنا ويوجههم للتخلص من هذه المشكلة الكبيرة، والحل يكمن في الاستماع للأبناء والانصات لهم جيدا. مطلوب تثقيف الأهل في هذا المجال لبناء القدرة على التواصل والحوار والتفاهم بين الأطفال وذويهم بغية تأمين بيئة أكثر سلامة للأطفال على الشبكة، والاهتمام بأبنائنا على جميع المستويات، ونحاول - قدر الإمكان - إشباع رغباتهم وتوفير الرفاهية لهم أيضا. نحن الآن نعيش في زمن غير تقليدي تعدى جيلنا بمراحل، الشباب لديه رغبات ولابد أن نستمع لهم باهتمام.وبلغة متفائلة، قال الدكتور سعدون السعدون عضو مجلس الشورى: إن المجتمع السعودي بطبعه متدين، وفيه الخير ولايزال المجتمع يحترم العلماء ورجال الدين، مجتمعنا تتملكه الطيبة، لكن في هذا الموضوع يلزمنا في هذا اليوم بذل جهد أكبر، وتقديم برامج توعوية نوعية لعودة المجتمع لجذوره واحتواء الشباب وأن تكون ثقتنا فيهم كبيرة. أعتقد أنه من الواجب أن نشارك في هذه التوعية ونشر رقم بارز يتم نشره للجمهور خاص بالتوعية واستقبال الاستشارات عليه من قبل أفراد المجتمع، إضافة إلى برامج توعوية تثقيفية في محاولة لحماية شبابنا من الانجراف نحو هذه المواقع الاباحية وعلى الجميع القيام بدوره: المثقف، والشيخ، والمعلم، وأولياء الأمور. والأسرة هي عماد المجتمعات والمملكة تحرص كثيرا في هذا الجانب ونمر حاليا بعالم اندمج فيه كل شيء، والحل يأتي من خلال الاعتراف بوجود المشكلة أولا، والاستخدام الأمثل للمواقع الالكترونية والتوجيه والإرشاد من خلال التوعية الشاملة التي تبدأ وتنطلق من الأسرة والمتابعة الحثيثة للأبناء والإصغاء لهم والتعرف على ما يريدونه ومساعدتهم وتوجيههم أيضا في حل المشاكل التي قد يقعون فيها.مسؤولية الجميعوتملك أطراف الحديث الدكتور محمد الدوغان قائلا: نعم هذه التطبيقات والألعاب والمواقع الإباحية أصبح وصول الطفل إليها سهلا جدا، في حين يفتقد هذا الطفل للموجه الحقيقي والمتابعة. كما أن المدرسة والمعلم اختلف دورهما عن الماضي، فالمعلم أصبح اليوم يؤدي عمله الرسمي وبانتهاء حصته أو محاضرته انتهى دوره، وأظن ان جزءا من الحل يكمن في تحمل المسؤولية الجماعية كل فيما يخصه: المعلم، وإمام المسجد، ارتباط الأب بأبنائه، والمعلم مع التلاميذ وأصبحت الآن خصوصية خلف الجدران أكثر من السابق في جانب التربية. في السابق الجميع كان يشترك في التربية، لكن تطبيق مبدأ الرحمة والشفقة والتراحم بأفراد المجتمع - الذي نفتقده هذه الأيام - أيضا له دور، تنفير الناس من خلال التركيز على المثالب وأخطاء الآخرين فقط وإصلاحها، تطبيق مبدأ الرحمة ميزان مهم جدا في هذا الجانب. اليوم نحن نركز على المشكلة ونهتم بمن هو المخطئ وهذا أسلوب في حد ذاته خاطئ أيضا. مثلا نهتم بالطالب المهمل، وينصب اهتمامنا دائما على المشكلة، ونهمل التركيز على المبدع والشخص الإيجابي، ولابد من تضافر الجهود في إيجاد بدائل لأن الإهمال سيؤدي بالأبناء إلى مثل تلك المواقع الإباحية - لا سمح الله - كذلك الرفقة لها دورها في هذا الجانب وتؤثر - بلا شك - على الأبناء خصوصا صغار السن.في المقابل، رد الدكتور فؤاد بن أحمد المظفر على الدراسة بخصوص العوائد الاقتصادية الضخمة للمواقع الإباحية الأمريكية، قائلا : لا نستطيع تعميم تلك الدراسة لأن المجتمع الأمريكي يختلف تماما عن المجتمع السعودي.وتطرق إلى تأثير المواقع الإباحية على الأطفال وانجذابهم لها، مبينا بقوله : لا تقتصر تلك المواقع الإباحية على التأثير على الطفل فقط، بل هناك مصادر أخرى يمكن أن تؤثر في سلوك الأطفال. كما أن القنوات الفضائية لها تأثير كبير على المفاهيم، حيث إن الطفل عنده قناعة بأن المشاهدة حرام، وأن هذا الأمر محرم شرعا وأخلاقا، وطبعا خلاف التربية والعادات والتقاليد، والإعلام الجديد لها تأثير غير عادي على النظام القيمي الذي تربى عليه هذا الطفل. عندما يشاهد الأطفال مسلسلا تم إعداده يهدف إلى هدم القيم، نعم المواقع الإباحية خطرة جدا، لكن هناك أيضا روافد فكرية وثقافية أكثر خطورة من مواقع الإنترنت.مقرر الثقافة الجنسيةوتابع: لا يمكن معالجة المشكلات إلا بحلول عميقة، فالحل يكمن في رفع مستوى الوعي، ورفع مستوى الوعي لابد أن يشمل الشباب والأطفال والآباء أيضا. فالآباء يحتاجون إلى تغذية في هذا الجانب، بينما رفع مستوى الوعي لدى الأطفال لا يتم - في تصوري - إلا عبر جهتين حكوميتين، ويجب أن نحملهم كامل المسؤولية في هذا الموضوع الحساس. حيث إن الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ركزت على الرياضة وأهملت الشباب، والجهة الثانية: وزارة التعليم، التي آن الأوان أن نترك قضية الجدل الدائر حول دخول التربية الجنسية كمقرر من عدمه. يجب أن ندخل تلك التربية بطريقة التجسير بمعنى «تغذية مقررات معينة بمفاهيم وقيم معينة تعالج هذا الموضوع». أطفالنا وأبناؤنا أحوج ما يكون إلى وجود مقرر ينمي الثقافة المتعلقة بالجنس، وعندما نتحدث عن الثقافة الجنسية لا تعني التصور الخاطئ لمفهوم التربية الجنسية، ودون إدخال هاتين الجهتين في الحل لن يكون هناك حل شامل، والمواقع الإلكترونية الإباحية - كما قيل - في تزايد مستمر، رغم نظام الحجب الذي تشكر عليه الجهات القائمة. ومن خلال تخصصي في التعليم الإلكتروني تجاوز الحجب، أصبح أمرا ليس من اختصاص الهكر وحدهم، بل يستطيع أي شخص أو مستخدم مبتدئ أن يتجاوز هذا الحجب بسهولة جدا.وعاد الدكتور عبدالرحمن بن محمد الجغيمان إلى الحديث مجددا بالقول: هي بالفعل مشكلة مقلقلة تستهدف بشكل كبير الأطفال والمراهقين من الجنسين، إذ باتت التقنيات الحديثة في متناول الجميع من مختلف الأعمار، بالإضافة إلى سهولة الوصول لمحتوى الإنترنت والتواصل من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى الأهل مراقبة الأبناء ومتابعتهم لحماية فلذات أكبادهم من خطر الاعتداءات الالكترونية. وهذه التطبيقات المنحرفة ما هي إلا مصيدة للأطفال الذين لا يعون خطورة ذلك خصوصا إذا لم يتلقوا التوعية والإرشاد في المنزل لصدهم عن الدخول أو المشاركة في القروبات المشبوهة التي تؤدي إلى الانحراف لا سمح الله. لابد من تنفيذ مشروع لسلامة الأطفال يهدف إلى توفير بيئة أكثر أمانا للأطفال أثناء استخدامهم شبكة التواصل الاجتماعي بجميع أنواعها، عن طريق رفع مستوى الوعي حول الاستخدام السليم والمسؤول لهذه الشبكات لدى الأطفال خصوصا، والمستخدمين بشكل عام، لأنه لا يمكن - بحال من الأحوال - منع الأطفال من استخدام التكنولوجيا، لأنها أصبحت ضرورة تشغل حيزا كبيرا من حياتنا اليومية، التي لم تعد تقتصر على فئة عمرية معينة، حيث أصبح استخدامها متوافرا للجميع. كما أنها تحولت إلى مصدر للمعلومات، لذلك نشهد اليوم إقبالا متزايدا من قبل الأطفال على استخدامها وبسهولة.وفي نظري يحتاج ذلك إلى إشراف ومتابعة وتوجيه من الآباء والأمهات حتى لا يصبح إبحار الطفل في هذا العالم الواسع مليئا بالمخاطر، وأرى أن التوعية والمتابعة هما الأسلوب الأمثل لحماية أطفالنا. دفع أغلى ثمنفي السياق نفسه، قال الدكتور محمد بن حسين عبدلي: إنّ أغلى ثمن ندفعه الآن ومستقبلًا هو الذي ينتج من الأخطار الكبيرة التي يواجهها أطفالنا بعلاقتهم اليومية واستخدامهم المباشر لشبكة الإنترنت بلا توعية مسبقة أو إرشاد من الأهل. حيث إن تكنولوجيا الاتصال المتطورة والأجهزة الذكية ساهمت بقوة وسهلت استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لذا يجب التوعية التي تنطلق من البيت ودور الأم في ذلك. فالأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعبا طيب الأعراق. كما أنه من الصعب جدا منعهم بشكل تام عن شبكة الانتر نت التي أصبحت أداة تعليمية مهمة للأطفال، لكن تجب توعيتهم بشكل فعّال وإرشادهم بهدف تمكينهم من اكتساب القدرة على حماية أنفسهم من هذا الخطر الذي يتربص بهم ليل نهار جراء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي دون تقنين، وتعريف المجتمع بالأشكال التي يتخذها التحرش الجنسي على الإنترنت لتوعية المجتمع. إلى جانب وضع ضوابط وقوانين تجرم تلك المواقع والقائمين عليها ومستخدميها أيضا لضمان وجود رادع حقيقي لهذه الشبكات الاجتماعية المشبوهة التي تعدّ بيئة جيدة للترويج الإباحي.وأبان: أرى أن شبكات التواصل الاجتماعي - مهما حجبت - لا يمكن السيطرة عليها والأجدر توعية المجتمع عبر الندوات في المدارس والأندية والتجمعات الشبابية بكيفية استغلال هذه الوسائل بالشكل المثالي والاستفادة منها. فالتوعية مسألة مهمة، يمكن أن تساهم في الحد من مشكلة التطبيقات والألعاب المنحرفة. أما الشاب محمد عبدالله الجغيمان، فقال: في تصوري أن الموضوع يحتاج إلى عمل مؤسسي، حيث إن محيط عمل الأفراد تأثيره قليل ويؤثر في أعداد بسيطة من الناس، بعكس العمل المؤسسي المنظم الذي يستهدف المجتمع بأسره وتأثيره يمتد بشكل واسع ليشمل تأثيره فئات وشرائح كثيرة من المجتمع، لأن ليس جميع الأهالي لديهم الوعي الكامل أو الفكرة الناضجة في هذا الموضوع الذي يتطلب التكاتف الذي يتطلبه العمل المؤسسي فهو الأكثر تنظيما من الاجتهادات الفردية التي أثرها - بلا شك - محدود. كما يحتاج التخفيف من حدة هذه المشكلة إلى خطة عمل وطنية متكاملة تعالج تلك المشكلة، ونحتاج اليوم إلى دراسة جدية علمية، دراسة تأخذ وقتها للحصول على معلومات واقعية حقيقية موثقة بعيدا عن العشوائية. أما قضية الحجب والمنع فانتهت تماما، وهناك طرق كثيرة لإلغاء عملية الحجب. في نظري الحجب خيار غير عملي، والشباب يعيش فراغا كبيرا يتراوح بين 6 و8 ساعات يوميا، ويمتد هذا الفراغ في أيام الإجازة المدرسية، ولا توجد أماكن تغري الشباب للتردد عليها وقضاء هذه الأوقات الطويلة. الشاب حاليا يريد أن يستهلك ساعات فراغه في أي شيء يحاول حرق هذا الفراغ بأي وسيلة تتوافر لديه. ![image 0](http://m.salyaum.com/media/upload/470da4c208a25346662d0f44d12f5d3e_sg35.jpg) تنتهك عصابات إجرامية براءة الأطفال مستغلة تعلقهم بالتطبيقات الحديثة، للإيقاع بفرائسهم من صغار السن وجرهم إلى الانحراف الفكري والأخلاقي![image 1](http://m.salyaum.com/media/upload/b09eb7bf5580c937bd26d598548d2280_sg36.jpg) د. عبد الله الجغيمان خلال الندوة، ويبدو د. سعدون السعدون ومحمد عبدلي![image 2](http://m.salyaum.com/media/upload/b53edeef1669598f910341f2d161badf_sg37.jpg) د. محمد الدوغان متحدثا في الندوة، وإلى جواره الزميل عادل الذكر الله![image 3](http://m.salyaum.com/media/upload/1b251e36e9558a87d9392e54d9ab1b77_sg38.jpg)