محمد البقمي

فريق تطوعي للنظافة !!

لو سألت شخصا ما عن ماذا يحتاج عمال النظافة؟ ولماذا هم مصدر تعاطف كبير حتى أصبحوا شريحة مستهدفة لمئات المبادرات التطوعية من أفراد المجتمع وحتى الشركات والدوائر الحكومية؟ ما بالضبط النازلة التي ألمت بهم؟ وهل هم فعلا في وضع مأساوي يستدعي النفير نحو إغاثتهم؟ وإذا كان كذلك فما الأمر بالضبط؟ ولماذا؟منذ مدة طويلة نشاهد مبادرة تلو المبادرة وكثير منها متميز ويحمل رسالة نبيلة للآخر، لكن مع تكاثر المبادرات الموجهة لعمل النظافة ظهرت مبادرات غير منطقية فنجد جهة مشغلة لعمال النظافة تقوم بحملة تطوعية لتحسين ظروف عملهم!! وفتيات يقبلن رأس عامل النظافة ويصورن ذلك وينشرنه من باب إشاعة فعل الخير في المجتمع خارج عرف المجتمع !! بصرف النظر عن مكانة وظيفة عامل النظافة الاجتماعية وشغلها بجاليات آسيوية مسحوقة في بلدانها، فانها تبقى وظيفة تخضع لنظام العمل، وليست حالة اجتماعية أو وضعا اقتصاديا يتطلب إغاثته، فليس من المعقول أن نوظف بشرا على وظيفة محتاج ووظيفة مريض، لذا فعامل النظافة يظل موظفا له حقوق وواجبات وتأمين ونظام متكامل كأي وظيفة أخرى.فاذا رغبنا في التطوع لصالحهم فمن الاجدر ان نطلق فريقا تطوعيا من الحقوقيين للدفاع عن وضعهم الوظيفي وأجورهم الزهيدة وتأخيرها لشهور طويلة وتشغيلهم في ظروف بيئية صعبة وبأدوات يصنعونها أحيانا من الزبالة بأيديهم. هذا الفريق الحقوقي سيلاحق الشركات التي تنتهك حقوق البشر فيما يشبه السخرة تأخذهم بكميات كبيرة وتسرحهم في الشوارع يعيشون على جمع والتقاط ما تيسر كالإنسان البدائي. فالحالة هنا ليست حالة إغاثية، بل حالة حقوقية، وإصرارنا على أنها حالة إغاثية سيشجع المشغلين على مزيد من الانتهاكات بحق عمال النظافة ويشجع عمال النظافة على أمر أخطر وقد يؤصل لثقافة لو انتشرت في مجتمعنا لأصبحت معضلة تحتاج لمئات المبادرات لحلها. فعند اقترابي من ركوب السيارة ألاحظ ان بعض عمال النظافة يقتربون بشكل لافت ويسلمون بأسلوب ودود جدا لوقت طويل حسبت ان هذا يعكس أخلاقهم وطيبتهم، لكن مع الوقت تبين - للأسف - انهم (يتسولون). والأكثر مرارة ان بعضهم يحجز موقعا متميزا مثل إشارة مرور في شوارع رئيسة أو بجانب مجمعات تجارية وقد يدفعون رسوما لمشرفيهم والى آخر هذه الحيل التي نتجت عن وجود سوق جذاب لدرجة ان بعض العمالة يتنكر في زي عامل نظافة!!هكذا سوغت الرشوة وهكذا أهمل بعض الموظفين خدمتهم للمواطن غير (الكريم) فالخدمة حسب حجم (الإكرامية) وهكذا ينجو بعض الشركات وتلقى المعضلة على المنظمات الخيرية، هذا كله لأننا لا نتريث قبل فعل الخير .