هند مقبل المسند

ماذا تريدين..؟

كعادتنا الشرقية أو بالأحرى العربية حين يبلغ الابن الخامسة والعشرين عاماً أو يتوظف تبدأ والدته بالإلحاح عليه للزواج والاستقرار، وكأن الزواج هو نهاية الأمر، وكأنها لا تعلم أن أكثر الهاربين من المنازل هم المتزوجون، وللعلم بأن هذه ليست الأسباب بل السبب الأعظم هو أن تضمن له إحدى قريباتها لخسارته في إنسانة خارج محيطه ولخوفهم دوما أن هذه الغريبة ستبعده عنهم، ومع هذه الاعتقادات والتي تميز فيها عالمنا العربي إلا من رحم الله كانت نسبة الطلاقات لدينا قد تعدت النسب الطبيعية وإن لم يكن هناك طلاق فقد ترى الرجل في منزله قد سلّم بالأمر الواقع وعاش حياة - لا يرجو لأحد أن يعيشها- حتى يحافظ على كينونة أبنائه واستقرارهم وهو لا يعلم أيبر به هؤلاء الأبناء أم لا، فتجده يخسر الكل أو البعض لأجلهم وهو لا يعلم إلى أي مدى سيكون المقابل من أبنائه بالرغم من انه أمر غير مشروط للوالدين، ولكن وللأسف أصبح مشروطا بما يقدمه الأب والأم لهم.شاب تزوج في باكورة شبابه وزوجته رُشحت له عن طريق قريب له وبمساعدة أمه وامتُدحت حتى وصل المديح إلى قلبه فكان أن وثق بهذا الأمر، وأصل الأمر كان الخوف والقلق من ناحية والدته والتي أوعزت لقريبه هذا الأمر حتى لا يخرج أو يحيد عن عُرفهم وتقاليدهم وكان الزواج والذي انتهى الآن بأربعة أبناء وزوجة تزداد كيداً يوماً بعد يوم وزوج نذر نفسه لله وابتعد عن كل شيء وتحلى بالصبر في أن يعجل الله بأمر يريحه، ومنذ السنة الأولى وحتى الآن وفي داخله لوم كبير تجاه والدته وقريبه والذي لم يظهره إلا لأخيه الذي يصغره سناً عن طريق نصحه بأن لا يقع في هذا الشراك وأن يتروى قبل أن يرزق بالطفل الأول وأن يرى ماهية من تم اختيارها قبل أن يكون كحاله. ومع هذا فزوجته مازالت حتى الآن لم يهدأ لها بال، ولو سألتها ماذا تريدين؟ لن تجيب لأنها لا تعلم ماذا تريد فالمرأة حين تطلب الأمر ويتوفر لها ستبحث عن أمر آخر وآخر ولن تنتهي.وآخر آثر الموافقة على فتاة مرشحة له من قبل أخته لجميل سمعتها بين أقربائها بالرغم من قلة جمالها إلا أنهم قرروا أن تكون لابنهم، فجمال الجسد زائل وجمال الروح باق، وبدأت في الإلحاح المتزايد عليه حتى اقتنع بالأمر وكان الزواج وكانت أيام العسل الأولى والتي انتهت بطفل، وبعد مرور العام الأول كشرت عن جميل صفاتها وكانت القاصمة أنها استهدفت من امتدحها له وبالفعل انتهى الأمر بتفرق العائلة جراء المشاكل ولم يجد المسكين لا جميل جسد ولا جميل روح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والجميل أن هذا الأمر لم يتكرر مع الابن الثاني ولله الحمد. ولو سألت زوجة ابنهم ماذا تريدين؟ لهاجت وماجت وغضبت من هذا السؤال وأجابت أُريد ما يريده غيري؟ وماذا يريد غيرك؟ لن تجيب لأنها لا تعلم.هذا الأمر وهذه السلسلة من الاخفاقات لن تنتهي أبداً لأن ما نراه خارج المنزل ليس هو ذاته داخل المنزل، لا تنظر لثناء الأهل أو غيرهم للفتى أو الفتاة، بل حتى لا تنظر لثناء الأم فهي تجمل بضاعتها في كلتا الحالتين، بل ابحث عن الأماكن التي يظهر فيها صادق التعامل، انظر للعائلة، اسأل عن الجميع منهم، هل هم متكاتفون.. متواصلون؟؟هل هناك استقرار نفسي؟هل الوالدان يعيشان بهدوء؟لمن السيادة في المنزل؟هل هناك مشاكل صحية.. نفسية.. مادية.. الخ؟؟هل هناك اخوان متزوجون؟كيف هي العلاقات؟وإن وجدت الإجابة عن هذه الاسئلة وتكللت بالشيء الطيب، اعقد العزم وتوكل.وإن اختل إحداها، فنصيحتي أن تبتعد عن هذا المنزل وهذه العائلة فمن عاش في أجواء غير صحية سينقلها لمنزلك عاجلاً أو آجلاً فهي ترسبات نفسية من الصعب استخراجها من النفس أبداً.وأخيراً ..سألت العديد من النساء لماذا تزوجتن؟فكانت الإجابات (لأجد من اتحكم به، لأكون في المقعد الأمامي، لأجد من أقول له افعل وحين يقول(لا) أضربه وأؤدبه، لأجد من يدفع عني دون أن ينشف لي ريق، لأأكل على راحتي وفي أي وقت، لأجد سائقا ومحرما... وغيرها من الإجابات التي لا أستطيع سردها لبشاعة المنطق وسوء النفسيات. ومن المتضرر؟؟؟؟عليكم انتم الإجابة، ولكم العقول، فاحسنوا الاختيار لتسعدوا وتسعد حياتكم وتستقروا ويستقر أبناؤكم ومجتمعكم وأهلكم.* تربوية متخصصة بالعلوم الشرعية والنفسية