أ.د فريال الهاجري

ثلاث رسائل عاجلة!!

تعد ظاهرة التسول التي تشهدها المملكة - بزيادة مطردة في السنوات الأخيرة- ظاهرة اجتماعية خطيرة شكلاً ومضموناً لما لها من آثار سلبية على النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية. وتتمحور الأسباب الرئيسية للتسول حول الفقر والحاجة والطمع، وأسباب نشأتها عديدة منها: كثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، التخلف بعد أداء فريضتي الحج والعمرة، تزايد المتسللين عبر الحدود، البطالة، والظروف الأسرية السيئة، الظروف السياسية.. الخ، والمشجع على تفشيها وانتشارها : عدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، وضعف إمكانات حملات مكافحة التسول، وتعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول وخاصة المرأة والطفل ثم العجزة. وكلمة متسول مشتقة من مصدر سول أي سأل واستعطى والسؤل ما يُسأل ويُطلب ويُعرف المتسول بأنه الشخص الذي يحصل على المال بغير عمل يستحقه. والمشكلة لا تقف عند حد محتاج وصدقة تقدم له لقوله تعالى: «وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ» بل تتشعب ما بين أهداف ظاهرة التسول واتجاهاتها وخفاياها وسُبلها. والجدير بالذكر؛ أن ما يتصف به الشعب السعودي من كرم وحسن الضيافة ولين الجانب شجع على انتشار هذه الظاهرة بطريقة وبأخرى من غير قصد أو عمد، فكثرت حالات النصب والاحتيال وتزوير المستندات وعرض الصكوك والوثائق والخداع والتمثيل واستغلال الأطفال وإدعاء العاهات والمرض لاستدرار عطفه وسخائه، وعطائه شجع بعض الأسر على دفع أفرادها وأبنائها للتسول في المساجد ومناطق تجمهر المواطنين السعوديين، وعند إشارات المرور والمراكز التجارية. هذا الوجه الظاهر لهذه الظاهرة القبيحة، أما الوجه الخفي: خطف الأطفال، وترويج المخدرات، وارتفاع معدلات الجرائم اللااخلاقية بأنواعها.... الخوإذا نظرنا لهذه الفئة على أنها فئة صادقة ومحتاجة حقاً لكون غالبيتهم من الأميين وذوي الدخل المنخفض أو العاطلين عن العمل، والمتزوجين، والذين يعولون أسرهم بأعداد كبيرة، فمن الأولى قصد الجمعيات الخيرية والجهات المختصة بتنظيم عملية جمع الزكاة والصدقات وتوزيعها. وفي الختام هناك ثلاث رسائل أوجهها لثلاث جهات معنية في المجتمع أولها الرسالة الأولى موجهة إلى الجهات الحكومية بنوعيها: المختص منها بالشؤون الاجتماعية بإجراء المزيد من الدراسات العلمية حول الأُسر السعودية المحتاجة التي لا يكفيها الضمان الاجتماعي الأمر الذي اضطرها للتسول، وإيجاد حلول عاجلة لتحقق الاكتفاء الذاتي، والجهات الأمنية بأن تقتلع هذه الظاهرة من جذورها، وتضع إجراءات حازمة، وجزاءات رادعة تحد من ظاهرة التسول مثل الغرامات المالية والسجن. والرسالة الثانية مقدمة لعامة المجتمع بأن يتوقفوا عن التعاطف مع المتسولين أياً كانت نوعيتهم، ويمتنعوا عن إعطائهم للحد من تفاقم هذه الظاهرة التي تشوه المجتمع وتزيد مشاكله على مدار العام ناهيك عن شهر رمضان المبارك لاستغلال مشاعر الشعب الجياشة في هذا الشهر الفضيل.والرسالة الثالثة موجهة لأئمة المساجد وخطباء الجوامع فدورهم مكمل لدور الجهات الأمنية في الحد من ظاهرة التسول بتكثيف جهودهم ودعواتهم عبر منابرهم فيما يتعلَّق بالتحذير من التسول وبيان خطورته على المجتمع.