هيلدا اسماعيل

شحوم وتخوم

في كل مناسباتنا الاجتماعية وأيامنا الاحتفالية وحفلاتنا وأعيادنا.. فإن (الطعام) هو أهم ما يميزنا، فلا يمكن أن ندعو الأهل إلى منزلنا مثلا دون سفرة طويلة عريضة فيها كل ما لذّ وتشحّم وأتخَم، ولا يمكن أن نقيم حفلة زفاف بدون (بوفيه) منوّع لكل الأكلات العربية والأجنبية والشعبية، ولا يمكن لـ (عزومة شاي) أن تقتصر فقط على (الشاي) وتستعين به، بل يجب أن تمتلئ الفراغات بجانب الإبريق بكل أنواع الحلوى والمعجنات الممكنة.لا يقتصر الطعام كفنّ لمراكمة الشحوم في المناسبات فقط، فنحن لا يمكن أن نخرج للنزهة دون أن نتوقّف في النهاية عند مطعم أو مقهى، كما أن نشاط التسوّق ذاته يجب أن نختمه بوجبة سريعة من (المول) تعوّض النقص البسيط في سعراتٍ حرارية فقدناها جرّاء المشي الذي نادراً ما نمارسه خارج إطار المولات.حتى ميزانية السفر للخارج تضع بنداً كبيراً للمطاعم، فكيف نذهب إلى بلدٍ دون أن نرتاد مطاعمه ونتذوّق من أشهر أكلاته؟!، بل كيف نعود من الرحلة.. ولم نكتسب بضع كيلوات تدلّ على أننا قضينا أوقاتا سعيدة؟! لا أظن أن أحداً سيصدقنا أصلاً!!.المهم أننا فور عودتنا من السفر فإننا سنستغيث بطرق وأدوية ونظام للتخسيس، طيب.. هو ليه زاد وزننا أصلًا.. وكيف؟ هذا هو السؤال.يبدو أننا نفتقد شيئاً هاماً في حياتنا هو (تغذية الروح)، فطريقتنا هذه في التعبير عن مشاعرنا وطقوسنا بالطعام.. أظنها هي الميزان الذي يشير بشكل أو بآخر لمرض أصاب (الروح) وأفقدها سعادتها وسلامها الداخلي وبالتالي احساسها بالقناعة والشبع، ولهذا أفسحنا مجالاً كبيراً للـ (جسد) الذي أغرقناه بالشبع والشحوم. فحتى شهر الصيام والامتناع عن الملذات نزداد نهماً وتزداد سفرة الطعام أطباقاً، وبالتالي نزداد نحن وزناً على أوزاننا التي يصعب التخلص منها فيما (بعد)، خاصة أن هذا (البَعد) سيكون عيد الفطر المبارك الذي تتنوّع طقوس أطباقه وتختلف عن الرمضانيات، مما يجعلنا نقبل عليه وكأننا لم نمرّ بشهر متخمٍ بالحلوى والمقليّات.لا أظن أن علاج حالتنا المستعصية هذه هو الامتناع عن الطعام فقط، بل بإشباع الروح والنفس والبحث عما يشغلها في طاعته ماجستير تربية خاصة - مدرب معتمد