صالح بن حنيتم

شرارة الطائفية

كنت بصدد طرح موضوع هذا الاسبوع حول أخطار المفرقعات (الطراطيع) التي تباع بكثرة وفوضى على الارصفة مع بداية العشر الاواخر في الاسواق والامر الاخر الذي لا يقل خطورة فوضى الدبابات التي نعاني منها في كل عيد، ولكن وبعد ان حضرت الندوة الرمضانية بعنوان (شرارة الطائفية) التي اقامها النادي الادبي في مقر جريدة اليوم، قلت في نفسي شرارة (الطراطيع) والمفرقعات وحوادث الدبابات خطيرة ولكن شرارة الطائفية اخطر واهم من سواها خصوصا في هذا الوقت بالذات، لذا سوف احاول ان انقل لكم بعض ما جاء في تلك الندوة التي افتتحها الاستاذ خليل الفزيع رئيس النادي الادبي حيث رحب بالضيوف وشكر جريدة اليوم على استضافة الندوة ثم شكر الضيف الدكتور عبدالإله العرفج عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل على تلبية الدعوة ومن ثم بدأ الدكتور في الحديث بالتعريف بالطائفية حيث قال الطائفية: ليست مجرد الانتماء لطائفة أو مذهب أو فرقة أو تيار.ليست مجرد اعتقاد صواب الطائفة أو المذهب أو الفكرة.ليست مجرد الدعوة لحقوق الطائفة وفق ميزان العدل.هي رفض وجود الآخر كأحد مكونات الوطن.هي منع الآخر حقوقه الوطنية المشروعة.هي تقديم مصلحة الطائفة على مصلحة الوطن.هي ارتباط الولاء للطائفة على حساب الوطنذكر أيضا عددا من النقاط الهامة في كيفية التعامل مع الطائفية، عندما ركز على وجوب تجريم الممارسات الطائفية وفق قانون واضح يتبع بتجفيف منابع التطرف سواء من قنوات أو كتب وفتاوى, كذلك نقد التراث الذي يغذي الطائفية وينتج مناخها أو يوفر لها المناخ الذي تترعرع فيه, مما قال ايضا, المطالبة بحوار وطني شفاف وتنفيذي حتى يتحقق التعايش السلمي الذي سيخلق المناخ الامني والسلمي على جميع الاصعدة، ولم ينس الدكتور ان يذكر الدور المهم للبيت والمدرسة ومؤسسات المجتمع للقضاء على الطائفية.تطرق الدكتور لذكر بعض اخطار الطائفية مثل انتقائية الأحداث والمواقف من قبل كل طرف، إشعال الحروب وإنهاك الأوطان وتمزيق الصف, وضرب مثالا حيا بالتعايش الذي كان يسود العراق سنة وشيعة وغيرهم من الطوائف والملل الاخرى وكيف اصبح حال العراق بعد تمكن داء الطائفية من المجتمع، لقد تحول السلم والامن إلى صراعات, من يعرف تركيبة السكان في القبائل العراقية يجد في القبيلة الواحدة اكثر من طائفة بما فيهم السنة والشيعة بل ان هناك في البيت الواحد في كثير من العوائل العراقية تجد الاخوال سنة والاعمام شيعة والعكس, ولكن بعد ان توغلت في قلوبهم شرارة الطائفية انظرو اين وصل الحال بالعراق والعراقيين؟نسأل الله ان يحمي بلدنا وجميع بلاد المسلمين من كل سوء, الوطن غال ويحتاج منا جميعا الوقوف صفا واحدا لحمايته وتنميته حتى يجد الاجيال القادمة المناخ المناسب للعيش والتعايش بسلام ولن اجد اجمل من ان اختم المقال بهذه الرسالة كمثال رائع للتعايش حول التلاحم الذي استشهد به الدكتور عبدالإله بعد حادثة اعتداء بعض الأعراب على أهل القطيف, وقيام أهل الأحساء (سنتهم وشيعتهم) بواجب النصرة والمساعدة وبناءً على تلك الحادثة ألَّف العلامة الشيخ محمد سعيد بن عبدالله العمير الأحسائي الشافعي (1110-1203هـ) كتابه: مطالع البرهان في نصيحة الوزير سلطان. قال الشيخ محمد سعيد العمير: «وإن من أعظمِ الخطوب سببا, وأوسعِ الحادثات للقلوب نصبا, ما قد نزل بالقطيف, فأساء القويَّ والضعيف, والبعيدَ والقريب, والغشومَ واللبيب, حتى إذا اشتد الكرب، وتعاظم سلطانُ الرهب، وأيس الناسُ مِنْ رفع تلك النازلة، وانقطع الرجاءُ إلا ممن أياديه شاملة، ومِنحُه في جميع الساعات هاطلة، هبَّت نسمةُ نفحةِ لطفٍ رباني, وأَرسَلت لمحةُ نظرةِ عطفٍ رحماني، فجاء التفريجُ بالتفريح، ويَسَّر التنفيسُ بالترويح, وحصل الظفرُ بالوطر, وولَّى العدو بسوء الخبر».همسة: في ذلك الوقت الذي كتبت فيه هذه الرسالة البليغة لم يكن عندهم تربية وطنية ولا مركز حوار وطني!!  مستشار تدريب وتطوير