عبد اللطيف الملحم

خريج الثانوية.. كان الله في عونك

أصبح خريج الثانوية في وقتنا الحالي تحت ضغوط كبيرة وأصبحت أسرته أسيرة تلك الضغوط. فهذا الطالب يريد شيئا قد لا يتحقق له وأسرته في أغلب الأحيان ليس بيدها حيلة ولا تستطيع فعل شيء لمساعدته لتحقيق طموحه، فإن كان من أسرة ميسورة فلا مشكلة هناك؛ لأن لديه خيارا مفتوحا حيال دراسته في أي مكان وبأي تخصص وذلك على حساب أسرته، وإن لم يكن كذلك فقد يصبح في مهب الريح. فالكل لدينا يريد أن يكون خريجا جامعيا؛ لأن مجتمعنا ومع الزمن أصبح ينظر إلى الشهادة الدراسية دون ان ينظر للعلم والتعليم نظرة شاملة، ولا ينظر إلى أن كل تخصص مهما كانت الشهادة المطلوبة له يكون جزءا من حركة علمية وتنموية. والمملكة معروف عنها بأنها من أكثر -إن لم تكن الأكثر- نسبة على مستوى العالم فيما يخص انخراط خريج الثانوية في التعليم الجامعي. ولهذا أسبابه الرئيسة وأولها أن المجتمع ينظر لمن ليس بخريج جامعي نظرة دونية حتى لو كان متخصصا في حرفة مهنية يتطلبها سوق العمل. ونحن كمجتمع لم نعط الشاب المهني النظرة الإيجابية التي يستحقها ولم نعطه الدخل الذي يعطيه الثقة بالنفس. ولكن عندما نرى دولا صناعية مثل ألمانيا وأمريكا فتجد الحرفة المهنية دخلها يكون عاليا وقد يكون أكثر من دخل من يحملون شهادات عليا، ولذلك تجد في المملكة حرصا لكل شاب وأسرة ان يكون القبول الجامعي شيئا مقدورا عليه. وهذا يضع ضغطا نفسيا على الطالب وعلى الأسرة. ففي الماضي كان الناس ينظرون بغبطة للأسرة التي لديها خريج ثانوية، بينما في الوقت الحالي ينظرون للأسرة التي لديها خريج ثانوية بنوع من العطف، خاصة إذا لم تكن درجة الخريج ونتيجة الاختبار التحصيلي والقدرات تلامس مائة بالمائة. وأصبح الطالب لدينا في الوقت الحالي يصعب عليه تحقيق طموحه. فقد يكون ومنذ الصغر يهوى القيام بعمل شيء معين ولكن ينتهي به المطاف دراسة شيء لا يرغب فيه اصلا. وهذا له تأثير سلبي على أدائه الجامعي، وكذلك يعتبر الانخراط في الدراسة الجامعية نقلة كبيرة للطالب لدينا؛ لأن الوقت الذي أمضاه في دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية يفتقد نوعا من الدراسة التي من الممكن ان تساعده أثناء الدراسة الجامعية. فمراحل ما قبل الجامعة لا يوجد لدى الطالب أي متطلبات فيما يخص البحث العلمي أو التحفيز على القراءة، وبمعنى آخر وهو أن الطالب لدينا من خريجي الثانوية يمر بمرحلة أصبحت ذات تأثير سلبي على الكثير من الشباب وهذا التأثير بدأ يزداد مع الوقت. ففي مرحلة الثانوية يبذل الطالب جهدا مضاعفا في المدرسة وهذا إضافة لما هو مطلوب منه فيما يخص الاختبارات الخاصة بمراحل القبول الجامعي، وقد لا يعرف الكثير عن عدد البلايين التي يقوم المواطن بصرفها على تأمين دروس خصوصية في الوقت التي من الممكن أن يتم استخدام تلك البلايين لتطوير أداء الطالب وتطوير مناهج تكون مجدية لمستقبل كل شاب في المرحلة الثانوية. * كاتب ومحلل سياسي