أ.د فريال الهاجري

رؤية مشرقة للبطالة

تعد ظاهرة البطالة واحدة من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات العربية وهي مشكلة ليست حديثة النشأة تحدث عنها الكثيرون، وتناولتها بالدراسة الجهات الحكومية والباحثون ورجال الأعمال، ولا تكاد تصدر دورية علمية متخصصة ذات علاقة بعلم الاقتصاد أو الاجتماع إلا وتتطرق لموضوع البطالة بالتحليل والنقاش.ولسنا في مجال يسمح لنا بالتطرق لها تفصيلاً ومناقشة أيهما أصح إحصائياً مصلحة الإحصاءات العامة والتي أفادت بنسبة البطالة 12٪، أم ما كشف عنه برنامج حافز بنسبة البطالة 36٪؛ وإنما مجالنا هنا مساندة الدولة وحثها على بذل المزيد من الجهد والاسراع في العمل لاقتلاع ظاهرة البطالة من جذورها والقضاء عليها؛ إذ نحن مجتمع منَّ الله عليه بنعم وخيرات كثيرة ولا مكان للبطالة فينا لو كرسنا جهودنا وعقولنا وقضينا على هذه الآفة منعاً لانتشار الفقر ووقوع الجريمة بشتى أنواعها.والجدير بالذكر؛ ان البطالة والسعودة قطبان متجاذبان حلول الأولى تكمن في توظيف الثانية في مكانها الصحيح -ليس بالسعودة المقنعة، ولا بالنطاقات، ولا بقوانين وزارة العمل التي زادت من المشكلة شعبتها ولونتها بألوان زاهية-، فهناك وظائف لا بد أن يشترط فيها العمالة السعودية وأخرى تترك مفتوحة. فلنأخذ على سبيل المثال وبتجربة شخصية مررت بها عندما زرت مستشفى بمدينة الخبر؛ وجدت عامل الأمن من جنسية مغربية، ومثال آخر وفي نفس الأسبوع يتصل بي ثلاثة أشخاص من البريد الممتاز -مدير ومسؤول وسائق- بجنسية هندية لا يتقنون اللغة العربية ولا الإنجليزية ولا يفقهون من أحياء وشوارع مدينة الدمام شيئاً فكيف سيصلني الطرد؟؟ نحتاج إلى عقول مفكرة ومبدعة في وزارة العمل كي لا تخلط الصالح بالطالح وتسن قوانين تعممها على الجميع وعليها مائة علامة استفهام.وهناك حلول أخرى مقترحة للقضاء على البطالة على المدى القريب نذكر منها: توظيف الشباب الحاصلين على المؤهلات العلمية والفنية والتقنية بالدوائر الحكومية على نظام الفترتين -دوام فترتين لمجموعتين من العمالة الوطنية-، وتشجيع التقاعد المبكر بصرف الراتب كاملاً، وربط البرامج التعليمية والتدريبية باحتياجات سوق العمل، والتوسع في افتتاح الجامعات والمعاهد ذات التخصصات التي يتطلبها سوق العمل، والحد من القبول في التخصصات التي حققت اكتفاء ذاتيا، وعدم قصر الابتعاث على الدراسة فقط وإنما للتدريب واكتساب خبرة وظيفية عن طريق الشراكة العملية الدولية، وتنمية القطاع السياحي الكفيل باستغلال الفضاءات الواسعة سياحياً وامتصاص أعداد هائلة من العاطلين عن العمل لو أُحسن استغلاله، ونشر مبدأ السعودة الفعلي وتحقيق الأمن الوظيفي.تلك أمثلة لحلول وإجراءات قصيرة الأجل كفيلة بحل مشكلة البطالة بصورة سريعة ناهيك عن الإجراءات والحلول الطويلة الأجل والتي لا يتسع المجال لذكرها في الوقت الراهن.