لم يخضع الشيخ محمد الجيراني قاضي الأوقاف والمواريث في القطيف للتهديد، ولم يقبل أن يكون أداة من أدوات الإرهاب التي تحركها إيران، ولم تثنه عمليات الحرق والتخريب التي تعرض لها منزله وممتلكاته، ولم يتراجع قيد أنملة عن مواقفه الوطنية الشجاعة، على الرغم مما تعرضت له اسرته من تهديد وترويع. وظل واقفا كالشجرة الباسقة. إلى أن نالت منه أيدي الغدر والخيانة، فخطفته عصابة لا تخاف الله، نكلت به وعذبته، ثم حفرت له حفرة وألقت به فيها، ثم أطلق أحدهم النار عليه ليلقى وجه ربه رجلا مسالما وطنيا مخلصا وشهيدا بإذنه تعالى.
كلنا يعلم مدى العبث الذي مارسته تلك العصابات المجرمة، وما قامت به من تهديد ووعيد لكل مَنْ يقول كلمة حق. لم يدرك العديد من أبناء القطيف منذ البداية من أمثال الشيخ الجيراني، خطورة تلك العصابات، وما تسببه للمجتمع من مصاعب ومصائب، وما تشكله من خطر على الوطن والمواطنين. فمارس النصح في مجالسه وندواته ومحاضراته، وحذر من خطورة خيانة الوطن، لكنه لم يجد آذانا مصغية من أولئك المغسولة أدمغتهم في مغاسل طهران القذرة.
الشيخ الجيراني، -يرحمه الله- حاول أن يقاتل بعلمه وحنكته ووطنيته، لكن أيدي الغدر التي لم تحتمل كلمة حق يرددها، بأن الوطن أولًا وأخيرًا، وأن السلم المجتمعي فوق كل الشعارات، التي لقنتهم إياها عصابات طهران، فضاقوا به ذرعا من تلك المواقف الوطنية ولم يجدوا بدا من خطفه وقتله.
لقد نجحت أجهزتنا الأمنية في فك طلاسم هذه الجريمة البشعة، فقبضت على أحد المجرمين وقتلت آخر، وستلاحق البقية، فدولتنا لا تنسى أبدا مَنْ يغدر برجالها ولا تترك حق شهيد لها مهما طال الزمن.
رحم الله الشهيد الشيخ محمد الجيراني ورحم الرقيب خالد الصامطي، الذي استشهد في هذه العملية البطولية، وحفظ قادتنا ووطننا وأهلنا في كل شبر من هذه البلاد المباركة. ولكم تحياتي.