من سنوات طويلة وإلى الآن كلما حدثت صحويا عما تسببت به هذه المرحلة البائسة الطويلة من حياتنا من تأخر على كل الأصعدة قال لك إئتنا يا ليبرالي بالصاروخ الذي صنعته والطائرة التي أنتجتها. وهذا يعني، من بين ما يعني، أن ترسانات صواريخ الصحوة وحظائر طائراتها على مد النظر، وأن عباقرة الصحويين كما يصنعون للمرأة عباءة على الرأس يصنعون، أيضا، صاروخا عابرا للقارات.!!!
كانت الصحوة المتشددة المتطرفة وما زالت، في بعض فلولها، مجرد وعاء للهياط والكلام الفارغ المعبأ في علب جاهزة، تلك العلب التي تبدأ بوجه المرأة وتنتهي بساقها وظهور كفيها. لم يُطلب من الصحوة أن تصنع صواريخ ولا أن تنتج طائرات ولا حتى أن تصنع ما يغطي رؤوس وعاظها الذين تاجروا كثيرا وطويلا بالدِّين ونزعوا منه يسره وسماحته وعدله ووسطيته.
لم يقل تنويري في يوم من الأيام إنه إينشتاين أو بل غيتس أو ستيف جوبز. كل ما كان يطلبه التنويري من الصحويين أن يرتقوا بأفكارهم وخطابهم ويتخلصوا من أدران تشددهم؛ لكي لا يعطلوا مراكب البلد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ومن المؤكد أننا لو سلمنا من (جاثوم) الصحوة لكنا الآن أفضل حتى على صعيد صناعة الصواريخ والطائرات أو صناعة غذائنا وملابسنا.
ما فعلته الصحوة ببساطة أنها نزعت من الناس كل إرادة كبيرة أو صغيرة للإبداع وصناعة الحياة. جعلتهم مسلوبين وسلبيين ومظهريين ومقلدين وساعين بأرجلهم إلى المقابر. لا إرادة لديهم ولا عمق ولا تفكير فيما يطور حياتهم ويضمن مستقبل أولادهم كبقية أولاد شعوب العالم المتقدم. بل إنها حتى لم تصنع الأخلاق الحسنة ولا المواءمات الاجتماعية الوطنية الصحيحة، وفككت الأسر إلى درجة أن الولد أصبح يطعن في دين أبيه وأمه وأقربائه. واسألوا حولكم عن حالات التفرق والتنازع والقطيعة بين أبناء الأسرة والجماعة الواحدة التي أنتجتها صحوة الصواريخ.!!
لم نكن نريد صواريخ ولا طائرات. كل ما كنا نطمع به الحفاظ على سلامة مجتمعنا والاطمئنان إلى نوعية فرص وحياة أولادنا في بلدهم. ومع ذلك ليتركنا الصحويون في حالنا خلال الثلاثين سنة القادمة وأنا أضمن أنهم سيرون الطائرة والصاروخ السعودي.