الذي يلاحظ تردد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعجزه عن أن يكون رئيساً لقوى كبرى لها تأثير في الشأن العالمي ويفترض أن تكون أمينة على مسؤولياتها الأخلاقية والأمنية وعلاقات الشعوب، لن يستغرب التصريحات التي أدلى بها الرئيس لصحيفة اتلانتيك الأسبوع الماضي، حول موضوع طويل معنون بـ «عقيدة أوباما». ولن نتعجب إذا عرفنا النوعيات الفكرية المزروعة في البيت الأبيض والكائنات المحيطة بالرئيس وتؤثر في قراراته، وفي مقدمة هؤلاء سيدة اسمها فارلي جاريت، فهذه يبدو أنها هي التي تملأ مخيخ الرئيس بكثير من غث التنظير، وهي بالفطرة والنشأة والتوجه والأيديولوجيا، معادية للمملكة، فهي ليبرالية متطرفة، وإيرانية المولد، وابنة شيوعي سابق، وتربت في بيئة شيوعية. وكلفت بمهام عديدة من شؤون المرأة إلى الاتصال الدولي، وتصبح عدواً طبيعياً لدوداً للمملكة بأي وأحد الأمراض الفكرية الثلاثة، فكيف وهي مصابة بالثلاثة كلها دفعة واحدة، فالليبراليون المتطرفون يرون المملكة عدوهم، وكذلك الشيوعيون، وأيضاً الموالون لإيران وكائناتها وأبواقها في عواصم العالم.
وهذه السيدة مؤثرة إلى درجة أن أحد المواقع اليمينية في الولايات المتحدة وصف وجودها في البيت الأبيض بـ «زواج» أيديولوجيات، بل إن لها أفضالاً سابقة على عائلة الرئيس، وقد وظفت ميشيل (زوجة الرئيس) في مكتب عمدة ولاية شيكاغو عام 1991 حينما كانت ميشيل خطيبة لأوباما.
وجاريت، مستشارة مهيمنة في البيت الأبيض، إلى درجة أن روبرت غيتز، وزير الدفاع السابق، انتقد تدخلاتها في السياسة الخارجية، وتنشر صورا كثيرة لها في البيت الأبيض توحي بمدى توغلها وسطوتها.
وقيل : إنها فتحت البيت الأبيض لمفكرين وباحثين موالين لإيران، ومنهم تريتا بارسي مدير «مجلس العلاقات الإيرانية الأمريكية» وهو لوبي ضغط إيراني نشيط، ويتحلى بكل أسلحة الخداع والوصوليات، يمد أذرعته إلى الكونغرس وصناعة القرار في واشنطن.
وقيل : إن بارسي أصبح مميزاً لدى البيت الأبيض، بل إن بارسي نفسه هو الذي منع هيلاري كلينتون وأوباما من دعم «الثورة الخضراء» التي انتفضت في إيران لتطيح بنظام الملالي عام 2009، واضطر المرشد الخامنئي لوأد الحركة بالقوة البطاشة، وأدخل الألوف السجون قبل أن يخرجوا بلوثات عقلية، وبعضهم خرجوا جثثاً من السجون إلى المقابر، ونجح بارسي في منع واشنطن من دعم الحركة المدنية في إيران.
وسبق أن أجريت لقاء صحفياً نشر في «اليوم» مع بارسي حينما زار المملكة عام 2010، وكان يتحدث بلغة اعتذارية لإيران، ويطرح أفكاراً يبدو أنها هي التي شكلت الرؤية التي عرضها أوباما في حديثه لمجلة «اتلانتيك» حتى أني قلت لبارسي : إنك تدافع عن إيران وكأنك سفير إيراني.
وفي الحقيقة كان دوره مؤثرا وخدم إيران في واشنطن أهم من أي سفير.
وجاريت وبارسي ولوبي طهران، يبدو، أنهم اختطفوا أوباما وملأوا مخيخه بالعداء للمملكة، وقذفوا الكلمات في فيه ليعيد انتاجها، إلى درجة أنه أدلى بعبارات تناقض تصريحاته العلنية الرسمية التي أشاد فيها بالمملكة وتعاونها في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية وشراكتها في محاربة الإرهاب. وتلفظ بكلمات تنتج في هذه الأيام «حصرياً» في طهران، وتردد في حناجر الموالين لإيران، مثل «التمدد الوهابي» أو «معظم منفذي 11 سبتمبر سعوديون»، أو «اضطهاد المرأة»...إلخ. ويقصد بها تشويه المملكة وإقناع الناس قسراً أنها تمارس سلوكية طائفية إرهابية ورجعية، وتلك هي العبارات التي يرددها يومياً أتباع طهران في واشنطن، بينما طائفية إيرانية معلنة وينص عليها دستور الخميني وتتغنى بها الميليشيات الموالية لإيران ليل نهار في طول الدنيا وعرضها، واضطهاد نظام المرشد للإيرانيين قمعي ورجعي يفرض بقوة الميلشيات. فالإيرانيون ممنوعون من استخدام «تويتر» وصحون الأقمار الصناعية، وغيرها، والرافعات الشهيرة تشنق، سنويا، مئات من الإيرانيين الذين يرفعون أصواتهم. والأكثر وضوحاً في «الأعراض الإيرانية» التي بدت على أوباما هو أنه سابقاً قد أدان، رسمياً سلوكية طهران العدوانية، ولكن في حديثه الأخير لم يتطرق لإرهابية إيران ونزعتها الشريرة ودورها التخريبي اليومي في المنطقة والعالم، وهذا يعني أنه قد تم العبث بفيوزات مخيخ الرئيس.
▪ وتر
فيما تلتهم نيران البارود الحقول الخضر،
ويدوي الهلع في سفوح الجبال
تفز عينها لضوح الصباح
وشجر المثاني ..
ومهجتها شمعة ليالي العتمة..
إذ خصلات شعرها، ملعب الرياح،
وقلبها إناء عطر
وبساتين.