- ومن هنا جاء مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» الذي عقد يومي السابع والثامن من شهر الله الفضيل بمكة المكرمة برعاية مباركة من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حفظه الله ورعاه» ومتابعة كريمة من سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «ايده الله وسدد خطاه»، وبدعوة من أمين رابطة العالم الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وذلك لتكريس مفاعيل الأخوة الإسلامية من خلال تفعيل الروابط المشتركة والتعاون بين اتباع المذاهب الإسلامية، وإشاعة أدب الاختلاف بينهم.
- إن الصراعات المذهبية المفتعلة التي مرت بها الأمة الإسلامية في تاريخها منذ العصور الأولى إلى يومنا، وما نتج عنها من انقسام الأمة وتشتتها وتنامي مشاعر الكراهية بين أبنائها عبر منابر الفتن، جعلنا جميعا نتوقف للبحث في أسبابها ومسبباتها ونتائجها وسبل مواجهتها. وإن مبادرة رابطة العالم الإسلامي في عقد مؤتمر (بناء الجسور بين المذاهب)، أكد من جديد حرص الرابطة وأمينها العام الشيخ الدكتور العيسى لتحقيق الأخوة الإسلامية من خلال التعاون ورص صف الأمة ولم شملها وترتيب بيتها من جديد. وإن الرابطة برؤيتها المستنيرة ركزت على أهمية إفشاء ثقافة الاختلاف باعتبارها نقطة مهمة وجوهرية في القضاء على أسباب الصراع واستمراره والتصدي لسلبيات التصنيف والإقصاء، ورفض الوقوع في مدلهمات الأفكار الضالة والمشبوهة.
- إن مشكلة الصراعات المذهبية المشبوهة بين المذاهب الإسلامية التي أوجعت الأمة في صميم قلبها يعود بشكل أو آخر إلى مرض التطرف والغلو والنظرة الإقصائية للآخر حتى بين المذاهب الإسلامية الواحدة التي وصل الحد بها إلى استهداف أئمتها ومراجعها ومقدساتها بسبب الغلو الذي نهى عنه الإسلام في القرآن والسنة، في قوله تعالى: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ»، وقول الرحمة المهداة -صلى الله عليه وآله وصحبه الاخيار-: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين». فالتطرف والاقصاء سبب هلاك الأمة التي ينبغي عليها محاربته بتأصيل ثقافة التسامح والانفتاح على الآخر عبر خطاب التسامح والإيمان بما قاله الإمام الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب». لذلك حرص مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية على مشاركة نخبة من مراجع وعلماء الأمة ورموزها من كل المذاهب الإسلامية والمعروف عنهم نهجهم المعتدل وخطابهم المتوازن الذي يصب في خدمة قضايا الأمة عبر «وتعاونوا على البر والتقوى» لتحقيق الخير لهذه الأمة وفقا للمنظور الإسلامي: «إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ».
@sayidelhusseini