- مايستفاد من السيرة العطرة لرسول الله -صلى عليه وآله وصحبه الأخيار- هو أنه كان يستنفر الناس روحيا ليستقبلوا شهر رمضان بالبشرى، مبيِّنا فضائله وخصائصه ومكانته وآدابه، ويحث المسلمين على أداء حقه والعمل الصالح فيه والتعرض لنفحاته. ومما رواه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -عليهما السلام- ، قال: «إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار- خطبنا ذات يوم، فقال: أيها الناس! إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيَّات صادقة وقلوب طاهرة أن يوفِّقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حُرِمَ غفران الله في هذا الشهر العظيم».
- شهر رمضان هو شهر الإيثار والتسامح وتطهير النفوس وتقويمها، هو شهر النفحات الإيمانية والدعوة إلى المسارعة إلى أعمال البر، ناهيك أنه مناسبة لتدريب النفس على ترك المعاصي والشهوات. صحيح أن المسلمين مدعوون في هذا الشهر الفضيل إلى كرم ضيافة الله والتوبة إليه. وفي المقابل لا بد أن يؤدوا حق آداب هذه الضيافة الربانية، بحفظ الألسن عن كل سوء، وغض الأبصار عن المحارم وعدم التنازع والحسد، وتجنُّب الغضب والظلم، كما دعاهم إلى لزوم الحلم والصبر، فعلينا جميعا اغتنام هذا الشهر بترويض أنفسنا والتحكم في سلوكنا، وتغيير العادات والسلوكيات السلبية، واستبدالها بالسلوك الإيجابي، ولزوم التقوى واتباع نهج التسامح، فهو من أهم ميزات وثمرات شهر رمضان الذي يبقى محتفظا بمكانته الثابتة في قلوب المسلمين في سائر أقطار العالم. هذا الشهر الفضيل الذي تتوق أفئدة المسلمين لبلوغه وصيامه إيمانا واحتسابا، والظفر برضا الله، والفوز فوزا عظيما، فرمضان هو فرصة ذهبية للإياب إلى السراط المستقيم، والعودة إلى الطريق القويم؛ إذ أبواب التوبة فيه مفتوحة، وإن البائس الشقي من حَرَمَ نفسه حلاوة الإيمان، والفوز بالجنان ورضا الرحمن. والدعاء: «اللهم بلِّغنا شهر رمضان بأحسن حال، ووفِّقنا فيه لطاعتك وللصيام والقيام، واجعلنا فيه مرحومين غير محرومين، وفائزين غير خائبين، والحمد لله رب العالمين».
@sayidelhusseini