قارون كان من قوم موسى «عليه السلام»، آتاه الله أموالًا كثيرة وكنوزًا عظيمة لدرجة أن الرجال الأقوياء يعجزون عن حمل مفاتيح صناديق أمواله؛ ما يدلّ على ملكه اللا محدود.. «وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة». لكنه طغى وتكبَّر فخسف الله به.
ومن قصة قارون تعلمت..
* تتفاوت نفوس البشر، هناك نفس تعاني من الكِبر على طريقة (إبليس) سيد المتكبرين، وهناك نفس حاسدة تتشبه بـ(قابيل)، ونفس طاغية تتخذ من (فرعون) نموذجًا، ونفس باغية وجاحدة تسير على خطى (قارون).
* هذه الدنيا تتسع للجميع، يعطيها الله «جل جلاله» لمَن يشاء ومَن يحب ومَن يكره.. هناك مَن يُعطى المنصب، وآخر المال، وثالث الصحة، ورابع العلم... فليس المهم ماذا تكون عطايا الله لك، المهم كيف تعاملك معها، وماذا عملت فيها؟
* الابتلاء يكون بالخير والشر.. والعاقل يقابل النعمة بالشكر، ويقابل المصيبة بالصبر، وقد اختلف العلماء في أيهما أفضل: الشكر على النِّعَم أم الصبر على الابتلاء، ورجّح ابن تيمية أن الشكر على النِّعَم أفضل من الصبر؛ لأن الشكر اختياري والصبر إجباري.. والشكر يُبقي النِّعَم ويزيدها.
* تعلمتُ من قارون ألا أغتر بالنِّعَم (إذ قال له قومه لا تفرح...).. وأن أحسن إلى الناس (وأحسن كما أحسن الله إليك).. وألا أفسد (ولا تبغ الفساد...).
* تعلمتُ من قارون أن السعادة ليست بالمظاهر، وأن أسوأ الناس مَن تخدعه المظاهر.. لمَّا خرج قارون ورآه الناس بكامل زينته قالوا: (يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم).
* الناس الذين يصفقون لك، وربما شجَّعوك على الباطل، وربما شرعنوا لك فسادك... سرعان ما ينفضون عنك (فما كان له من فئة ينصرونه..).
* تُعلّمنا قصة قارون أن نعترف بنِعَم المُنعم، فكل نعمة تتقلب فيها هي هبة إلهية، وكل شر أخطاك هو تقدير القادر، فتستّر بحمد الله، وتدثّر بشكره.. لا تظن أن العقل، مهما كان ذكيًّا، قادر على جلب رزق، وأن المرء مهما بلغت عبقريته قادر على دفع ضر.. هي أرزاق، فاطمئن واعمل بالأسباب.
* الثروة الاقتصادية تشكّل قطبًا في أي مجتمع، تتحكّم بالسوق، وتمتلك العقول وتوجّه الأفكار.. يمثل قارون اليوم مؤسسات الاحتكار ومنظمات التجارة التي تبتز الفقراء بحُجج واهية، وتساعدهم بشروط قاسية.
* قفلة:
قال أبو البندري «غفر الله له»:
لا تخدعك صور الانحراف والحرام، وإن عُمِل على تحسينها وتجميلها!
alomary2008@