والملفات المطروحة على طاولة الأمم المتحدة، ومنظماتها المتخصصة، وعلى جدول أمينها العام ومبعوثيه الدوليين لبؤر الصراع والنزاع في العالم، الغريب أنه لا أحد راضٍ عن دور الأمم المتحدة، فكل طرف في نزاع دولي ما، يقول إنَّ الأمم المتحدة منحازة على الطرف الآخر مباشرة. وهي تحابي على حساب مصالح خاصة، ومكاسب ربما لبعض منسوبيها هنا، أو هناك.
هناك أخطاء تحصل، واستغلال للنفوذ أيضًا محتمل ومتوقع، لكن فهمنا للأمم المتحدة وأدوارها يمنحنا حالة أفضل من التصور، وتوقع الأمور. وأولى النقاط التي قد تكون صادمة التقرير بأن الأمم المتحدة ليست مسؤولة بشكل كامل عن إيجاد حل لنزاع هنا، أو هناك. مهما كانت طبيعة هذا النزاع، ومهما كانت طبيعة أطرافه، ومهما كانت الأدوات التي يملكها كل طرف، وأعني هنا أدوات التأثير والنفوذ. وأدلل على هذه الفكرة، أو هذه الجزئية بقضية أو ملف قديم مطروح على بساط بحث المنظمة العتيدة منذ وقت يقترب من عمر المنظمة، ولم تحدث فيه المنظمة الدولية أي إنجاز حقيقي، وحتى التطورات التي شهدها ذلك الملف هي ناتجة من عمليات تعاطٍ مباشر بين أطراف النزاع الرئيسية في مستوى معيَّن من الفعل السياسي، والعسكري إلى حدٍّ ما.
القضية التي أعنيها هي القضية الفلسطينية، والتي بدت للبروز كأزمات صراع، واحتلال، ولجوء ونزوح في السنوات الأولى من عمر المنظمة أي في العام 1948م، عندما كان عمر المنظمة الدولية أربع سنوات فقط. ومع تزايد الصراعات في العالم لأسباب كثيرة، وهذا يؤكد أن الدور الأساسي الذي قامت من أجله المنظمة على المحك، أصبحت بعض الملفات التي تُطرح على المنظمة مثل المرضى الذين عندما تسوء أوضاعهم الصحية، أو تصل لحالة ميؤوس منها يبحث له أهله عن مستشفى ذي سمعة، وتجربة، وعناية جيدة، على الرغم من أن سمعة المستشفى وتقدّمه طبيًّا وعلميًّا لا يستطيع أن يمنع الموت من اختطاف مريض كثُرت عِلَّاته.
من هنا يمكن أن نفهم الدور الذي يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة، وهو أنها تكون وسيطًا وناصحًا ومقرَّبًا لوجهات النظر، ووصف الحلول الممكنة، ودعمها، وحث الأطراف المتنازعة على الاقتراب منها، عمليًّا.
الأمم المتحدة يمكن أن تفرش الأرض أمام مَن يملك نيَّة حقيقية على ترك الماضي وعقباته، ويريد زمنًا جديدًا، ومناخًا جديدًا وبيئة جديدة للسلام الذي تنتجه كل الأطراف، بأدوارها المتعاونة وليست المتعارضة، والمتقاطعة.
@salemalyami