وقد عرف ساحل المنطقة اليونان والرومان في العهود، التي تلتها ومن كون أهمية مينائها، الذي وصف باسم «قيرا» في التجارة القديمة، فهو محطة عبور السلع الآسيوية القادمة من الهند وإلى حوض البحر المتوسط. وقد وصف مؤرخو تلك الفترة بأنها كلدانية الطابع، ولها تواصل تجاري مع بابل رغم أنها أقدم من ذلك مما عثر عليه الباحثون من أدلة. وربما إن كان ذاك بسبب اتساع تجارتها كمركز ومحطة تجارية مما شكل من عامل استقطاب بشري للعديد من الأطياف والأجناس، لا سيما من أنماط بناء وهو شيء طبيعي. وأصبحت «قيرا»، التي عرفت تحت اسم «الجرهاء» للمؤرخين العرب المتأخرين، كونها أهم مركز بالعالم القديم للبضائع القادمة من اليمن وأفريقيا والهند لتتم إعادة تصديرها إلى بابل. وقد توسعت تجارة تلك المدينة كثيرا، فقد أشار أحد مؤرخي القرن الثاني قبل الميلاد أن ثراء تلك المدينة ضاهى ثراء السبئيين في اليمن، وأن تجارتها تصل إلى حائل وتيماء. أي أن البضائع منها لم تتوقف عند بابل كمحطة بحرية، بل توسعت برا وإلى شمال الجزيرة ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط.
وقد تتابع ومنذ ذاك التاريخ القديم حكم العقير غزاة طامعون وخلفاء إسلاميون وزعماء محليون، كما كانت مسرحا للدولة العثمانية مما عرض المدينة القديمة للاندثار. إلا أن ذاك التتابع الأممي من حضارات العالم القديم عليها، التي تركت تحت الرمال أثرها يجعلها من أكثر النواحي الساحلية إثارة فما مثلها يضاهيها شيء في العالم أجمع. كما أيضا أهلها لتكون مقطب الباحثين ومنذ القرن الثامن عشر من كونها موقع تلك المدينة «قيرا» ليجمعوا لنا من أدلة تاريخية من واقع الكتب القديمة، وليطابقوا ما وجدوه على ما شاهدوه وعثروا عليه من مكتشفات.
منطقة العقير ومنذ العهود المتأخرة ذهب وميضها بفعل تطور المراكب الحديثة والموانئ. وها نحن اليوم نأتي بذكر تاريخها لنشهد العالم من الشرق والغرب أننا عرب الجزيرة ومنذ الأزد في منطقة العقير من كنا وراء أول ميناء ومركز لوجيستي في العالم القديم.
@SaudAlgosaibi