واشنطن تريد شركات العملات المشفرة الاستفادة من أنظمة مدفوعات الاحتياطي الفيدرالي، التي تستخدمها البنوك التقليدية لنقل الأموال في كل مكان بسرعة، لكن البنوك تقاوم ذلك.
وتشمل الشركات التي تهدف إلى توفير خدمات الحفظ للمستثمرين المؤسسيين في العملات المشفرة كلا من: «أفانتي بنك» و«كراكن»، وهي منصة لتبادل العملات المشفرة، حيث يقولون إن الوصول المباشر إلى أنظمة الدفع الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي ستسمح لهم بمعالجة الطلبات بسرعة أكبر وبتكلفة منخفضة من العملاء الذين يشترون ويبيعون الأصول الرقمية. وفي الوقت الحالي يجب عليهم الشراكة مع البنوك التقليدية التي تملك حسابات مع الاحتياطي الفيدرالي.
وتقول البنوك التقليدية إن الشركات المالية الأحدث تخضع لإشراف أقل نسبيا، وتفتقر إلى الضوابط الداخلية اللازمة لضمان مكافحة غسيل الأموال والأنشطة غير المشروعة الأخرى، وهي مخاوف أعربت عنها الجهات التنظيمية بشأن قطاع العملات المشفرة على نطاق أوسع. ويقولون إن هذه الشركات أكثر خطورة لأنها غير مؤمنة من قبل شركة تأمين الودائع الفيدرالية.
وكتب معهد السياسة المصرفية، الذي يمثل البنوك الكبيرة والمصرفيين في المجتمع المستقل بأمريكا، رسالة إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي، قال فيها: «من المعقول أن نتوقع أن مثل هؤلاء المتقدمين سيشكلون مخاطر متزايدة فيما يتعلق بمسائل مكافحة غسل الأموال والأمن السيبراني وحماية المستهلك، فضلا عن السلامة والصلابة».
وتقول شركتا أفانتي وكاركين، وكلتاهما تملكان مواثيق بنكية «للأغراض الخاصة» في ولاية وايومنج، إن لديهما نفس الامتثال والضوابط والمتطلبات الإشرافية الموجودة في البنوك التقليدية. وتضيفان: إن الجهة المنظمة الوحيدة لبنك الولايات المتحدة التي لديها دليل امتحان إشرافي للعملات المشفرة موجودة في وايومنج.
وإذا أتيحت لهم طريقة للوصول إلى أنظمة الدفع الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي، فقد يشجع ذلك المزيد من الشركات على أن تحذو حذوها، مما يؤدي إلى مزيد من المنافسة للبنوك.
وقال جوناه كرين، الشريك في مجموعة «كارلوس جروب»، وهي شركة استشارية واستثمارية: «هذه الشركات تستطيع تقليص الدور التقليدي للبنوك فيما يخص دور حراسة البوابة والحصول على رسوم لتدفقات المدفوعات، والتي من المرجح أن تنمو بمرور الوقت».
وفي العام الماضي، تعامل البنك المركزي مع نحو 900 تريليون دولار من المدفوعات على أنظمته. وتراوحت هذه من المدفوعات الصغيرة التي تتم من بنك إلى آخر، مثل: الودائع المباشرة، أو مدفوعات الفواتير التلقائية، وحتى الحوالات المصرفية الكبيرة بين المؤسسات المالية.
ويعكس الصراع على الوصول إلى أنظمة الدفع الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي أيضًا مخاوف البنوك الحالية بشأن إمكانية المنافسة من شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل: «فيسبوك» و«جوجل» التابعة لـ«ألفابت»، والتي لا تواجه نفس المستوى من التنظيم المصرفي الفيدرالي.
وقال يوجين لودفيج، المراقب المالي السابق للعملة، والذي كان مسؤولًا عن تنظيم البنوك الوطنية الكبيرة: «لديهم أسباب تجعلهم مرتابين».
على سبيل المثال، قالت جمعية «ديم»، المدعومة من «فيسبوك» و25 عضوًا آخر، إنها تطور شبكة دفع قائمة على سلسلة الكتلة (البلوك تشين) ستكون أسرع وأرخص من الأنظمة الحالية، مع حماية المستهلكين وتوفير ضمانات ضد الجرائم المالية.
وتشارك «ديم» في المشروع مع بنك خاضع للتنظيم الفيدرالي. لكن إذا حصلت شركات التكنولوجيا الأخرى على إمكانية الوصول المباشر إلى أنظمة الدفع الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي، فقد لا تحتاج إلى اتخاذ الخطوة الإضافية للشراكة مع البنوك الراسخة، وفقًا لمحامين مصرفيين ومنظمين سابقين.
أيضًا، تشعر الجهات التنظيمية بالقلق من أن بعض أنواع أنشطة التشفير يمكن أن تشكل مخاطر على الاستقرار المالي إذا نمت بشكل كبير بما يكفي لعمل ذلك. على سبيل المثال، يشعر بعض المسؤولين بالقلق من أن ما يسمى بـ(العملات المستقرة): وهي شكل من أشكال العملة الرقمية المرتبطة بقيمة الدولار والعملات التقليدية الأخرى، يمكن أن تكون عرضة لأنواع العمليات التي تؤثر على البنوك والصناديق المشتركة في الأزمات.
ويسعى المنظمون الفيدراليون للحصول على ملاحظات من الصناعة حول مجموعة من المبادئ المقترحة للبنوك الفيدرالية الإقليمية للنظر فيها عند تقييم طلبات الوصول إلى أنظمة الدفع من البنوك غير التقليدية. ومن بينها: ما إذا كانت الضغوط في المؤسسة قد تنتقل إلى شرائح أخرى من النظام المالي في أوقات الأزمات.
واقترح بنك الاحتياطي الفيدرالي أن المصارف المؤمنة فيدراليًا من المرجح بالفعل أن تمتثل للإرشادات. وقال إن هذه الشركات «قد لا تتطلب مزيدًا من الاستقصاء الواجب المكثف».
وفي السنوات الأخيرة، استفادت الشركات المالية الناشئة من إصدار أنواع جديدة من المواثيق على مستوى الولاية، والموافقة على العمل كبنوك ائتمانية على المستوى الفيدرالي. بينما تشارك البنوك كاملة الخدمات عادةً في ثلاثة أنشطة أساسية، وهي: تلقي الودائع، الإقراض، والمدفوعات، تقدم هذه المؤسسات غير التقليدية بعضًا من هذه الخدمات فقط. ولا يُسمح لهم عمومًا بإقراض العملاء، ولكن يُسمح للبعض بقبول الودائع، بينما يجمع البعض الآخر رسومًا للحفاظ على عهدة المفاتيح الرقمية الخاصة لعملاء التشفير، أو تشغيل بورصات العملات المشفرة.
وقالت كيتلين لونج، الرئيس التنفيذي لشركة «أفانتي»: إن منح الوصول المباشر إلى أنظمة الدفع من بنك الاحتياطي الفيدرالي للبنوك، التي تلبي احتياجات قطاع الأصول الرقمية، يجب أن يكون موضع ترحيب؛ لأن القيام بذلك من شأنه أن يضعها تحت أعين المنظمين الساهرة.
وكتبت في رسالة للتعليق في شهر يوليو الماضي: «عدم اتخاذ إجراء لفتح مسار مباشر دفع الكثير من الأعمال المصرفية الدولارية في صناعة الأصول الرقمية إلى نظام الظل المصرفي، وهذا يعني أنه لا يمكن مراقبة المخاطر بسهولة».
ومع ذلك، بعد نحو عام من انتظار موافقة بنك الاحتياطي الفيدرالي، قالت لونج في مقابلة إن شركتها تقدمت هذا الشهر بطلب للحصول على تنظيم مباشر من قبل البنك المركزي، وهي خطوة قالت إنها يجب أن تعزز طلبها للوصول إلى أنظمة الدفع الخاصة بالبنك المركزي. وإذا حصلت على الموافقة، فسيخضع بنكها مباشرة للوائح وفحص بنك الاحتياطي الفيدرالي.
أيضًا، سعت شركة كراكن للوصول المباشر إلى نظام الدفع الفيدرالي العام الماضي، وما زالت تنتظر الرد.
ووصفت الشركة المشغلة لبورصة العملات المشفرة نفسها بأنها آمنة تمامًا مثل البنوك المؤمن عليها من قبل مؤسسة التأمين الفيدرالي (FDIC)، وذلك لأنها لا تقرض أموال المودعين، وتحتفظ بنسبة 100٪ من أموالهم النقدية في بنك مراسل أو في بنك الاحتياطي الفيدرالي، عبر مؤسسة المراسلة الخاصة به، كما تشرف عليها لائحة وايومنغ للخدمات المصرفية.
ختامًا، قال ديفيد كينيتسكي، الرئيس التنفيذي لبنك كراكن، وهو مؤسسة تابعة مملوكة بالكامل لشركة كراكن: «أوافق على أن هذه البنوك بحاجة إلى برنامج إشرافي ورقابي على مستوى البنوك». وأضاف: «نحن نحتاج لذلك فعلًا».