انخفض الدولار هذا الشهر وسط تمسك بنك الاحتياطي الفيدرالي بسياسته حول عدم رفع أسعار الفائدة على المدى القريب، وذلك رغم التوقعات بأن الاقتصاد الأمريكي سوف يتعافى بشكل أسرع من نظرائه.
وتراجعت العملة الأمريكية بنحو 1.2 ٪ مقابل عملات أكبر شركائها التجاريين حتى الآن في أبريل.
وقبل الارتفاع الطفيف الذي شهدته العملة الأمريكية يوم الجمعة الماضي، كان الدولار قد شهد أسوأ سلسلة خسائر له في سبعة أيام منذ شهر ديسمبر الماضي.
وأدى انخفاض العملة الخضراء إلى توقف الارتفاع الذي حققته حتى الآن هذا العام. وكان مؤشر آي سي إي ICE للدولار ارتفع بنحو 4 ٪ منذ أوائل يناير إلى نهاية مارس.
ووفقًا لأوليفر برينان، رئيس الأبحاث في شركة تي أس لومبارد في لندن، فمن غير المرجح استمرار ضعف الدولار، بسبب التوقعات بتفوق الاقتصاد الأمريكي على نظرائه.
وقال برينان إنه في الوقت الحالي، من المتوقع أن تنمو الولايات المتحدة بنحو 2 % أكثر من منطقة اليورو خلال العام المقبل.
ولم تكن الفجوة في النمو بين أمريكا ومنطقة اليورو كبيرة بهذا الحجم منذ أوائل عام 2017، عندما كان الدولار أقوى بكثير مقابل اليورو. وفي ذلك الوقت، كان الدولار الواحد يشتري حوالي 0.94 يورو، في حين أنه يشتري الآن 0.84 يورو فقط.
وقال برينان إن الدولار كان يميل عادة للانخفاض مقابل العملات الأخرى في شهر أبريل على مدى السنوات العشر الماضية، وذلك نتيجة الإعلان عن بيانات اقتصادية مخيبة للآمال مثل الناتج المحلي الإجمالي.
وأضاف: «كان هناك ميل لحدوث مفاجآت اقتصادية سيئة في أبريل؛ بسبب النمو الضعيف الذي شهدته البلاد في فصول الشتاء الأخيرة». واستطرد: «يميل المستثمرون إلى عدم التفاؤل بشدة في بداية العام، ثم يصبحون متفائلين أكثر من اللازم بحلول شهر أبريل».
لكن الدولار انخفض هذا الشهر رغم إعلان بعض البيانات الاقتصادية القوية. وقد يكون ذلك راجع إلى حقيقة أن وباء كوفيد- 19والإغلاق المفاجئ للاقتصاد العام الماضي جعلا المؤشرات الاقتصادية لهذا العام أكثر صعوبة في التنبؤ.
ويتوقع مستثمرون ومحللون آخرون أن يضعف الدولار أكثر مع احتواء الدول الأخرى لوباء كوفيد- 19، وطرح برامج التطعيم الخاصة بها، والبدء في إعادة فتح اقتصاداتها.
وقال ستيف إنجلاندر، رئيس أبحاث العملات الأجنبية العالمية والإستراتيجية الكلية لأمريكا الشمالية في مؤسسة ستاندرد تشارترد، إن الانتعاش الاقتصادي الأوسع سيمدد الاتجاه طويل الأمد؛ المتمثل في اتجاه مديري الأصول العالميين بعيدًا عن الاستثمار في الدولار، وخاصة البنوك المركزية التي تدير احتياطات كبيرة من العملات الأجنبية.
وانخفضت حصة الدولارات التي يحتفظ بها مديرو الاحتياطيات بشكل مطرد على مدى العقدين الماضيين، وانخفضت مؤخرًا إلى أقل من 60 ٪ من إجمالي أصولهم للمرة الأولى منذ منتصف التسعينيات.
وقال إنجلاندر: «توقعاتنا بحدوث قفزة في النمو العالمي والتحفيز المستمر لا يوفرا الكثير من الأسباب لمديري الاحتياطيات للتراجع عن موقفهم والبدء في إعادة تجميع الدولار».
وقام مستثمرون أجانب آخرون، بقيادة البنوك اليابانية، ببيع سندات الخزانة حيث يعاني مديرو الأموال من توقعات التضخم وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وأدى ذلك إلى مكاسب كبيرة في العائدات الأمريكية.
ويقوم المستثمرون اليابانيون في الغالب بالتحوط من مخاطر الاستثمار في العملات عبر شراء السندات الأمريكية، وهو الأمر الذي من شأنه الحد من التأثير على الدولار. ومع ذلك، فإن ارتفاع عوائد سندات الخزانة يجب أن يجذب المزيد من الأموال مرة أخرى إلى الأسواق الأمريكية - وفقًا لبعض المستثمرين - مما يعزز من قوة الدولار.
وحسب المحللين الإستراتيجيين في بنك أوف أمريكا ستعتمد الكثير من الأمور على نسبة التضخم، وإذا ما كان سيرتفع بنسبة كبيرة أم محدودة مقارنة بالمستوى الحالي له. وكتبوا في مذكرة يوم الجمعة: «في حين أن الارتفاع المحدود للتضخم قد يكون إيجابيًا للأسواق، إلا أن حدوث زيادة كبيرة فيه قد يتحول إلى أمر سلبي».