أوقفت شركات الطيران الأمريكية العشرات من طائرات 737 ماكس، التي تم بناؤها حديثًا من جداول الخدمة، وذلك بعد أن أعلنت شركة بوينج عن وجود مشكلة كهربائية محتملة في هذا الطراز، عقب أشهر قليلة من بدء شركات الطيران في التحليق بها مجددًا، وبعد توقف الأسطول العالمي من هذه الطائرات لمدة عامين تقريبًا.
ويمكن أن تقوض المشكلة المكتشفة حديثًا الجهود التي تبذلها بوينج وشركات الطيران لاستعادة ثقة الركاب في هذا النوع من الطائرات، حيث تعمل شركة تصنيع الطائرات على حل مشكلات الجودة التي عانت منها بعض طائراتها التجارية والعسكرية.
وتخلق المشكلة المحتملة أيضًا عقبات تشغيلية كبيرة لشركات الطيران الأمريكية، في الوقت الذي بدأ قطاع السفر في الانتعاش للتو مرة أخرى، حيث اضطرت بعض الشركات لإلغاء الرحلات وإعادة تسكين العملاء في رحلات أخرى، أو استبدال الطائرات بسرعة مع زيادة اكتمال عدد ركاب في الرحلات الجوية أكثر وأكثر.
وقالت بوينج إنها طلبت من 16 من مشغلي الطائرة ماكس فحص طائراتهم بحثًا عن وجود مشكلة كهربائية محتملة، والتي تم اكتشافها أثناء تجميع طائرة يجري بناؤها في سياتل.
وتم تنبيه بعض شركات الطيران بالمشكلة طوال ليل يوم الخميس الماضي، وخلال وقت مبكر من صباح أول أمس الجمعة. وقالت شركات الطيران الأمريكية الأربع التي تشغل طائرات ماكس إنها سحبت 67 طائرة من جداولها.
وأوضحت إدارة الطيران الفيدرالية في بيان أن مشكلة التصنيع يمكن أن تؤثر على تشغيل وحدة التحكم في الطاقة الاحتياطية في الطائرة، مضيفة إنها ستتأكد من معالجة المشكلة. وقالت بوينج يوم الجمعة الماضي إنها تعمل مع إدارة الطيران الفيدرالية لحل المشكلة وتواصل إنتاجها للطائرات طراز ماكس.
وعادت الطائرات طراز ماكس إلى العمل شهر ديسمبر الماضي، بعدما تم إيقافها منذ مارس 2019 عقب حادثين مميتين لطائرتين من هذا الطراز أوديا بحياة 346 شخصا. وسلّمت بوينج 89 طائرة جديدة منذ إعادة تشغيل ماكس، وفقًا لشركة تزويد البيانات أسكند باي سيريوم.
وقالت بوينج إنه من السابق لأوانه معرفة المدة التي سيستغرقها فحص الطائرات، والتأكد من تركيب الجزء المتضرر بشكل صحيح وإجراء أي إصلاحات مطلوبة.
وقد تتأثر أقل من 100 طائرة في أساطيل شركات الطيران حول العالم بالمشكلة المحتملة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. وقال أحد الأشخاص إن المسئولين الفيدراليين لا يعتبرون ذلك تهديدا أمنيا فوريا.
وفي عقبة جديدة أخرى للشركة، وجدت بوينج أن نوعًا معينًا من المحركات التي تشغل المثبت الأفقي لماكس قد يكون عرضة للمشاكل، حسبما قالت متحدثة باسم الشركة في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي.
وتم تثبيت الإصدار المقصود من المحركات المعيبة على 7 طائرات من طراز ماكس، وتم استبداله على 5 طائرات منها. وقالت المتحدثة باسم بوينج إنه سيتم استبدال الجزء المتبقي في الطائرتين الأخريين قبل أن تعاودا الطيران مرة أخرى.
وأضافت المتحدثة باسم الشركة: «هذه ليست مشكلة تتعلق بالسلامة، ففي حالة حدوث عطل، تظل الطائرة قادرة على مواصلة الطيران والهبوط بأمان».
ونشرت صحيفة سياتل تايمز عن مشكلة المحركات سابقًا. وقالت شركة أمريكان إيرلاينز جروب إنها أزالت المحرك المعيب من طائرتين لها.
وحتى الآن، تمت إعادة تشغيل ماكس بسلاسة. وقالت شركات الطيران إن قلة من العملاء سعوا لتجنب الحجز على هذه الطائرة. وكانت الخطوط الجوية تحلق بـ 175 طائرة من هذا النوع، معظمها تم تصنيعها قبل فترة طويلة من تعليق عملها، وفقًا لأسكند باي سيريوم.
وبينما لا تزال آلاف الطائرات متوقفة، كانت شركات الطيران حريصة على شراء طائرات جديدة مثل ماكس، التي تتميز بكفاءة أكبر في استهلاك الوقود. وفازت بوينج بطلبات جديدة لطائرة ماكس، بما في ذلك من شركة ساوثويست إيرلاينز، أكبر زبون للطائرة.
وتعتمد بوينج بشكل كبير على استئناف عمليات تسليم طائرات ماكس للحصول على سيولة نقدية، وتعويض الخسائر الفادحة الناجمة عن تعليق العمل الأخير لأسطول الطائرة العالمي، إضافة إلى تباطؤ السفر الناجم عن الوباء. وتراجعت أسهم بوينج بنسبة 1.4 % في منتصف تداولات نهار الجمعة الماضي.
وواجهت الطائرة العملاقة النفاثة تدقيقًا شديدًا من المسئولين، ووافقت السلطات الأمريكية أخيرًا في نوفمبر على طيرانها مرة أخرى، وحذت دول أخرى حذوها، بما في ذلك البرازيل والاتحاد الأوروبي.
وراجع المسئولون أيضًا نظام إنتاج بوينج، فضلاً عن إعادة تصميم نظام التحكم في الطيران المعيب الذي تسبب في الحادثين. وعالجت بوينج أيضًا مشكلات أخرى ظهرت أثناء المراجعة، بما في ذلك الأسلاك الكهربائية التي تم وضعها بطريقة قد تكون خطرة، والحطام الذي تركه العمال عن طريق الخطأ في خزانات الوقود أو المساحات الداخلية الأخرى لطائرة ماكس.
وتنتج الشركة عددًا صغيرًا من الطائرات، لكنها تخطط لزيادة الإنتاج الشهري إلى أكثر من 30 طائرة في أوائل العام المقبل.
وتتعلق المشكلة الكهربائية بعنصر لا علاقة له بخلل نظام التحكم الآلي في الطيران، والذي أدى إلى تحطم طائرتين تابعتين لشركة ليون إير الإندونيسية في أكتوبر 2018، والخطوط الجوية الإثيوبية في مارس 2019، وفقًا لمتحدث باسم شركة بوينج.
وقال ديفيد سيمور، كبير مسؤولي العمليات في شركة أمريكان إيرلاينز، في رسالة إلى الموظفين يوم الإثنين الماضي، إن شركة بوينج تتبعت المشكلة حتى تم التغيير في الإنتاج، والذي تم إجراؤه أثناء عملية التثبيت، التي حدثت بعد أن استلمت شركة أمريكان آخر طائراتها قبل تعليق عمل هذا الطراز.
وقالت شركة الطيران إنها أخرجت 17 طائرة من طائرات ماكس التي تم تسليمها مؤخرًا من الخدمة؛ لاستكمال عمليات التفتيش اللازمة عليها. ولا يزال لدى أمريكان إيرلاينز 24 طائرة أخرى من طراز ماكس في أسطولها، والتي قالت إنه تم إنتاجها قبل إعادة اعتماد الطائرة من قبل المسئولين العام الماضي.
ولفتت شركة ساوث ويست إلى أن 30 من طائراتها البالغ عددها 58 ماكس تعاني من المشكلة، وتم إيقافها عن الطيران، لكنها لا تتوقع أن تتأثر رحلاتها، لأن تباطؤ السفر الناجم عن الوباء ترك فائضًا في عدد الطائرات المتاحة.
وأوضحت شركة يونايتد إيرلاينز هولدنجز أنها سحبت 16 طائرة طراز ماكس من الخدمة، من أصل 30 طائرة لديها في أسطولها. وقالت شركة الطيران إنها كانت تعمل على دعم جداول الطيران بطائرات أخرى، وليس لديها توقعات حول الوقت الذي ستتمكن فيه من إعادة طائرات ماكس المتضررة للعمل.
وفي نفس السياق، قالت شركة ألاسكا إير جروب إنها أخرجت جميع طائراتها الأربعة طراز ماكس من الخدمة لفحصها.
جدير بالذكر أن هناك أكثر من 100 طائرة ماكس عادت إلى الخدمة منذ أن أجاز المسئولون استئناف عمل الطائرة بالخدمة التجارية، وعانت بوينج من توقف 400 طائرة لم يكن قد تم تسليمها، بالإضافة إلى 380 كانت تعمل بالفعل، عندما علق المسئولون العمل بالأسطول العالمي من هذا الطراز.
