تستر بالسخاء فكل عيب....... يغطيه كما قيل السخاء
فالسخاء رداء جميل يتدثر به الكرماء والمحسنون، ولا علاقة لهم بما سبق من الحكم، التي تتنافى مع القيم، وعندما نذكر أهمية المال، وأنه عصب الحياة وشرايينها، خاصة في هذا الزمن لم نأت بمعلومة جديدة أو مفقودة، ولكن الفرق بين أساليب الناس في طرق اكتساب المعيشة مَنْ يحدد معادنهم، منهم مَنْ جعل الأمانة نبراسا وأساس كل ريال يكتسبه، ومنهم مَنْ جعل النظرية اليهودية «الغاية تبرر الوسيلة» نبراسه.
في موقف من مواقف النبل لإنسان مشرد يتسول الناس للحصول على «بنسات» معدودة وفي لحظة يجد نفسه أمام فرصة للحصول على أربعة آلاف دولار، لكنه رفض!.
بدأت قصة بطلنا المشرد عندما تصدقت عليه سيدة بعدد من الدولارات وليس عددا من «البنسات» مما أدهش المشرد، الذي سألها باستغراب قائلا لماذا تصدقتي بهذا المبلغ؟، فردت عليه قائلة ما معناه ما تقدمه من خير سيعود عليك، وعند مغادرتها سألها عن اسمها فقالت «اسمي سارة وأعمل في هذه المنطقة على الشارع المقابل ونراك مستقبلا».
اكتشف ذلك الرجل المشرد أن خاتم السيدة قد سقط مع الدولارات في «العلبة»، التي يجمع فيها ما تجود به نفوس المارة من الصدقات، وراح يبحث عنها في المنطقة المقابلة كما ذكرت، ولم تفلح المحاولات، وبعد أن يئس وباءت محاولاته للعثور على سارة بالفشل، ذهب إلى محل المجوهرات ليبيع الخاتم وعندما قال له صاحب المجوهرات سأعطيك 4000 دولار، علم أن الخاتم ثمين وهنا يتضح حجم الرصيد الأخلاقي لدى هذا المشرد، الذي لم يبع الخاتم رغم حالته المعدمة، بل زادت عزيمته في الإصرار للبحث عن صاحبة الخاتم الثمين!!
يا لها من أمانة عند شخص فاقد كل شيء مادي، ولكن لم يفقد الضمير وهذا الأهم.. وأخيرا توصل للسيدة سارة وسلمها الخاتم، الذي ظلت تبحث عنه منذ فقدته، فالخاتم يعني لها الكثير. وكنوع من رد الجميل بالجميل كتبت سارة على صفحتها على الشبكة العنكبوتية عن الموقف، وشرحت أمانة المشرد مطالبة بدعمه ولما لوسائل التواصل من أهمية وقوة وتأثير سرعان ما تفاعل الناس مع رسالة سارة لدعم الرجل النبيل حتى وصل مبلغ المساعدة إلى أكثر من 190 ألف دولار، سبحان الله ترك أربعة آلاف دولار، فعوضه الله بما يفوق نصف مليون ريال سعودي. لقد أسدى لنا هذا الإنسان المشرد درسا بأن الفقر الحقيقي ليس مَنْ افتقد المال، بل مَنْ فقد المبادئ والقيم.
Saleh_hunaitem@