والسؤال الذي يُطرح مرارا وتكرارا! ماذا الذي استفدته من رحلة «1000 كتاب»؟ ولعلي أعرض ها هنا بعضا منها.
أولا: كلما قرأت أكثر علمت أنك ما زلت واقفا على شاطئ المحيط، وستزداد عطشا وشغفا لمعرفة المزيد، خصوصا إذا كنت تقرأ في مجالات متنوعة، وتقطف ثمارا متباينة ما بين أدب وثقافة وعلم.
ثانيا: ابتعد عن إذاعة «يقولون»! وعن القراءة بعقل متحجر، ولا تحكم على الكتاب قبل نهايته!، فقد يكون الكاتب محقا في أجزاء مما كتب. وقد تكتشف بعد حين أنه أقرب للصواب!
ثالثا: لا تصدر أحكاما على فكر المؤلف من كتاب واحد فقط، بل اقرأ له عدة كتب، خصوصا تلك التي ألفها بعد أن أصبح أكثر نضجا، وتجاوز مرحلة حماس الشباب في التأليف والنشر. وابحث عن الحسنات لا السقطات والزلات!
رابعا: لا تشتري كتابا لزينة؟ بل اقتني الكتاب الذي سوف تقرأه. وأما المجلدات الطوال، فعليك بمبدأ «قليل دائم خير من كثير منقطع»، بالإضافة إلى التنويع في القراءة في نفس الفترة. فعلى سبيل المثال استغرقت ما يقارب من سنة في قراءة الأعمال الكاملة للعقاد «25 مجلدا».
خامسا: لا تضيق على نفسك بالانصياع التام لما يمليه عليك الآخرون في نوعية الكتب، فبعد خوض التجربة سيكون لديك مذاقك الخاص في القراءة، الذي تختلف فيه عن غيرك. وتنقل بحرية بين المجالات الأدبية والعلمية.
سادسا: عندما تشعر بالفتور «وقد يحدث هذا لبعض عشاق الكتب!»، فتذكر أنك تقرأ لأفضل العقول البشرية. وأن العلماء والأدباء والعباقرة قد قدموا لك أفكارهم على طبق من ذهب.
سابعا: لا بد من تفريق بين القراءة من أجل الثقافة العامة والتخصص. ومن هنا كانت القراءة للثقافة أوسع وأمتع، وصدق مَنْ قال: الكتب بساتين العقلاء.
ثامنا: اعترف بأنه كان بالإمكان أفضل مما كان ولو الالتزامات الحياتية اليومية وعدم التفرغ، بالإضافة لإضاعة الكثير من الأوقات!! ولا تندهش إذا قلت لك إن هناك الآلاف من الدقائق الضائعة من أعمارنا مدفونة في أوقات الانتظار الميتة «مثل: المستشفيات، المطارات، وعند المحلات وغيرها»، كان الكتاب سيحيها. وللأسف أن أشد الأوقات ضياعا وحسرة هي التي نقضيها في «مواقع التواصل الاجتماعي»؛ لأنها تأكل الوقت كما تأكل النار الورق!
تاسعا: إذا كنت قد قررت مثلي «ومثل بيل جيتس» أن تقرأ الكتاب من الجلدة إلى الجلدة! فحاول أن تسرع «بطريقة القراءة السريعة» في بعض أجزائه؛ لأن العمر سوف يفنى وأنت لم تتعلم بعد السباحة بين الكتب.
عاشرا: سيحدثونك كثيرا عن الصراع بين الجودة والكمية، وأن المهم هو الكيف وليس الكم! ولكن صدقني أولئك الذين يتحدثون عن ذلك لا يقرأون كثيرا، وليسوا من محبي الكتب بشغف! وإلا كيف نفسر أن ابن الجوزي قرأ «20000» مجلد والعقاد «60000» كتاب، وعلي الطنطاوي «2.5» مليون صفحة!
وقبل الختام، همسة في أذنك حاول مراجعة ما قرأت بشكل دوري ومنتظم، خاصة تلك الجُمل التي وضعت تحتها خطا أو حددتها باللون الأصفر ففيها خلاصة ما تعلمته من الكتب.
المتعة ليست في أن تنهي قراءة الكتاب، المتعة أنك دوما تقرأ كتابا!
abdullaghannam@