DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العنف الأسري ضد الأطفال «أرق» محلي وعالمي

40 مليونا يعانون سوء المعاملة والإهمال ويحتاجون رعاية صحية واجتماعية

العنف الأسري ضد الأطفال «أرق» محلي وعالمي
العنف الأسري ضد الأطفال «أرق» محلي وعالمي
حماية الأطفال والتكفل بسلامتهم الجسدية والعاطفية هي المسؤولية الأولى للأسرة، وهي وحدها القادرة على القيام بهذه المهمة على أكمل وجه، ولا يمكن تعويض هذا الدور عن طريق أي جهود حكومية أو مبادرات مجتمعية.
وعلى الرغم من ذلك تشير الإحصائيات إلى أن الكثير من الإساءة تحدث للطفل داخل الأسرة من قبل الوالدين أو غيرهم، ويشمل ذلك الإساءة الجسدية والجنسية والنفسية، فضلا عن الإهمال المتعمد، وكثيرا ما يتعرض الأطفال لعقاب جسدي ونفسي قاسٍ في سياق عملية التأديب.
وتعتبر الإهانات اللفظية والشتائم والعزل والرفض والتهديد والإهمال العاطفي والاستصغار من أشكال الإساءة، التي قد تلحق الضرر بسلامة الطفل، ولذلك يعد العنف الأسري من القضايا، التي بدأت تؤرق المجتمع العالمي والمحلي على السواء.
مؤشرات مبكرة
فمرحلة الطفولة تعد من أهم المراحل لمنظومة نمو الإنسان بشكل سليم من كافة النواحي «الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية»، وأي خلل يعتري هذه المنظومة يؤثر في مستقبل المجتمع بشكل كامل، ويبدأ هذا التأثير في الظهور مبكرا عبر مؤشرات الخلل في التحصيل الدراسي، والوقوع في مشكلة التأخر الدراسي لأطفال المرحلة الابتدائية وبداية ظهور ميول عدوانية للطفل.
وظاهرة سوء معاملة الأبناء وإهمالهم شائعة عالميا، في كافة المجتمعات، وفي مختلف الطبقات الاجتماعية والاقتصادية بغض النظر عن الدين والثقافة والعرق والأصل، والخطوة الأولى لمعالجة هذه الظاهرة هي الاعتراف بها بدلا من دفن الرؤوس في الرمال.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 40 مليون طفل أعمارهم أقل من 15 عاما في العالم يعانون سوء المعاملة والإهمال، ويحتاجون إلى رعاية صحية واجتماعية.
إيذاء مقصود
وسوء معاملة الأبناء أو العنف الأسري ضدهم هو كل إيذاء مقصود يصيب الأطفال ضمن إطار الأسرة، ويؤثر في صحتهم الجسدية مثل: «الخدوش والجروح والكسور والحروق»، أو النفسية مثل: «التحقير والترهيب والعزل والحرمان الطبي والنفسي والتعليمي»، أو الجنسية مثل: «استغلال الأطفال في الانحرافات الجنسية المختلفة، أو تعريضهم لمواد إعلامية مخلة».
ويضاف إلى أنواع الإيذاء: الإهمال الجسدي مثل: «الحرمان من الغذاء أو الملبس أو الرعاية الصحية»، والإهمال التعليمي مثل: «عدم تسجيل الطفل في المدرسة والسماح له بالتسرب منها، وعدم الاهتمام باحتياجات الطفل التعليمية الخاصة»، والإهمال العاطفي مثل: الحرمان العاطفي، وعدم تأمين الرعاية النفسية اللازمة، والسماح للطفل بالقيام بتصرفات سيئة وتشجيعه عليها.
آثار مدمرة
وتؤثر طريقة معاملة الوالدين لأبنائهم على مستوى تحصيلهم الدراسي، فالوالدان اللذان يهتمان بحياة أبنائهما، ويشاركان في أنشطتهم، يؤثران إيجابيا في إنجازهم الدراسي، وبقدر ما توفره الأسرة من بيئة اجتماعية ونفسية لأبنائها، وما تتيح لهم من إمكانات مادية تلبي متطلباتهم الدراسية، يكون التأثير في استقرارهم النفسي والاجتماعي، وبالتالي على مستوى التحصيل لديهم.
وبالمقابل يترك سوء معاملة الأطفال آثارا سلبية مدمرة تؤثر سلبا في شخصية الطفل وتحصيله الدراسي، ومن ثم تكون من أكبر المهددات لأمنه وصحته النفسية.
وتوصلت دراسة بحثية إلى أن مستوى التحصيل يتأثر سلبا كلما زادت درجة الإساءة لدى الذكور أو الإناث على السواء، ولم تظهر النتائج وجود فروق بين الذكور والإناث في التعرض لسوء المعاملة بأشكالها المختلفة، فكلا الجنسين يتعرضان لسوء المعاملة وبالدرجة ذاتها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن العنف الذي يمارس على الطفل في بيته ينتقل معه إلى المدرسة، فيتحول الطفل إلى العدوانية ويمارس بنفسه العنف على زملائه، وبذلك تتضح أسباب تزايد نسب العنف الجسدي واللفظي بين الطلاب في البيئة المدرسية.
البيت والمدرسة
وشددت الدراسة على أهمية تحسين العلاقة بين البيت والمدرسة، لأنها تكشف الكثير من الصعوبات التي يتعرض لها الأبناء، خاصة في المرحلتين الأساسيتين الابتدائية والإعدادية، إذ إن هذه العلاقة تسهم في تطوير المحصلة التعليمية لديهم، ومعرفة الأسباب التي يمكن أن تؤثر على هذه المحصلة الإنتاجية.
وفي السياق ذاته، أثبتت الدراسات المتعلقة بالتحصيل الدراسي أن ارتفاع القلق والتوتر بدرجة كبيرة يرتبط ارتباطا سلبيا بالتحصيل، فعند شعور الأبناء بالقلق والخوف على أمنهم النفسي وعلى تماسك أسرتهم، يفقدون الدافع للدراسة والإنجاز والتفوق.
ولتجاوز هذه المشكلة يجب خلق نوع من التعاون بين المدرسة والأسرة، عبر الاجتماعات الدورية بين المدرسة وأولياء الأمور، والنشرات المدرسية والدورية والدعوة للمشاركة في اتخاذ القرار، وأن يكون التفاعل بين المؤسستين «المدرسة والأسرة» إيجابيا للوقوف على أي مشكلة يعانيها الأبناء حتى تتمكنا معا -من خلال التضافر- من إيجاد حل مناسب لها، لينعكس هذا الأمر مستقبلا على التحصيل العلمي والسلوكي الفردي والاجتماعي.
تطور الأبناء
ويقول المستشار الأسري والتربوي ومدرب البرامج الأسرية فهد حامد الحازمي إن العنف الجسدي بالضرب، والركل، والتكسير، والحرق والعنف الجنسي، وإبعاد الطفل عن والديه، وكذلك العنف النفسي والمعنوي كالتحرش الجنسي، والسب، والشتم، وعدم تقدير الذات، والتفرقة بين الإخوة، والتهديد من الآباء، يعد شكلا من أشكال العنف على الأطفال، مبينا أن ذلك يعود بآثار سيئة على الأطفال في حياتهم الاجتماعية، والتنموية، والنفسية؛ وبالتالي يؤثر على تطورهم سلوكيا وتعليميا أيضا.
ويضيف إن العنف الموجه للطفل ينتج شخصية قلقة يصعب التعامل معها، وإنتاج شخصية ضعيفة، تكون معرضة للاستغلال، ومن آثار العنف أيضا إدمان المخدرات، والاكتئاب، والفشل الدراسي، والتبول اللاإرادي، وغيرها من الأعراض التي تطال المعنف.
ويوضح أن الأطفال هم نواة هذا المجتمع، فالإحسان في تربيتهم والنجاح في قيادتهم يعني نجاح هذا المجتمع بإذن الله، مشددا على أهمية الحفاظ على الأسرة بعيدا عن العنف، وبعث الاستقرار النفسي، وبث الأمان فيهم وحفظ حقوق كل فرد منهم، ومحاسبة كل مَنْ يعتدي على هذه الحقوق، سواء بالتقصير أو بالعنف أو الإهمال.