كمثال واقعي وتوضيحي لذلك؛ قد نجد الموظف في المستوى الوظيفي «المُنسق» أو «الأخصائي» في المنشآت العملاقة يحصل على أجر ومميزات ومكافآت أعلى من الموظف في المستوى الوظيفي «مدير القسم/ الإدارة» في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبنفس الوقت نجد أن من متطلبات شغل بعض الوظائف في الشركات العملاقة في مجموعة كبيرة من الوظائف «المستويات الثالثة والرابعة والخامسة بعد رأس الهرم» تتطلب حدا أدنى من المؤهلات والخبرات والمهارات قد تكون أعلى من المتطلبات في الوظائف العُليا بالشركات الصغيرة والمتوسطة، ولذلك السؤال الأهم: كيف سيتم تحديد وتصنيف الوظائف القيادية في جميع المنشآت حتى يتم العمل على توطينها أو المطالبة بها؟.
نملك ولله الحمد ثروات بشرية وكفاءات مميزة قادرة على القيادة، وأنا من أكثر المؤيدين لكل قرار يخص التوطين وخاصة في الوظائف القيادية، وكمختص في مجال الموارد البشرية ومطلع على المتغيرات التي تطرأ على سوق العمل، أرى أن التوجه الأكثر «أثراً» و«الأهم» و«الأنسب» هو التركيز على معدل أجور الموظفين السعوديين مقارنة بمعدل أجور غير السعوديين في نفس المنشأة، ومن ثم مقارنة تلك الأرقام مع معدلات أخرى مناطقية وعامة مع تحديد نفس فئة النشاط وحجم المنشأة، ومن هذا المنطلق يتم تحديد حوافز فعلية لمنشآت القطاع الخاص حتى نصل لمستهدفات التوطين كمياً ونوعياً، وهذا بحد ذاته تشجيع وتحفيز لتوظيف السعوديين بوظائف مناسبة وقيادية وبشكل سلس.
مع المتغيرات العديدة التي طرأت على القطاع الخاص خاصة في هذه السنة، من المهم أن تتركز التوجهات القادمة على حلول أكبر لدخول المتعطلين لسوق العمل، وعدم تضييع الوقت بالتركيز على المشتغلين حاليا؛ لأن القضية الأساس هي قضية متعطلين يبحثون عن فرص وظيفية بالإضافة لمستهدفات تعمل عليها الدولة لتخفيض معدلات البطالة، وهذا لا يعني أن توطين الوظائف القيادية غير مجدٍ أو لن يكون له أثر على معدلات البطالة حتى ولو كان بشكل غير مباشر، ولكن المهم حالياً هو «الوقت المناسب» لتطبيق أي توجه.
للأمانة ومن اطلاع على سوق العمل ومعرفة شخصية بكثير من قيادات الموارد البشرية في القطاع الخاص، هناك تغيير سريع وواضح لدى كثير من أصحاب الأعمال في إحلال الكفاءات السعودية بدلاً من الوافدة وذلك على المستويات الوظيفية القيادية مقارنة بالسنوات الماضية، وهذا التوجه يبشر بالخير للمرحلة القادمة التي تشهد إصلاحات مهمة وتحديات أكبر.
سوق العمل بعد أزمة الكورونا لا يتحمل أي تخبطات أو آراء يتبناها المُنظرون والشعبويون وأفكار المدارس القديمة، وبنفس الوقت لا يتحمل أي قرارات يتم تطبيقها في «الوقت غير المناسب»، فالتعامل مع سوق العمل والقطاع الخاص خاصة بالوقت الحالي لا يقل خطورة عن التعامل مع أي مريض في العناية المركزة.
ختاماً: غير صحيح أن كل من يملك شهادات عليا يعتبر قياديا، أو يستحق منصبا قياديا بالإلزام.
@Khaled_Bn_Moh