وكذلك الأرقام المستخدمة في تسجيل نتائج التحاليل، قد يؤدي تقديم أو تأخير علامة عشرية بالخطأ إلى وفاة أحد الأشخاص.
فالجراح يتخذ قرار دخول المريض لغرفة العمليات، بناء على نتائج التحاليل وتقارير الأشعات، والتي ما هى إلا عبارة عن معلومات، ولكن بصحتها تكون الحياة، وبخطأها يكون الموت.
فإذا كانت المعلومات بهذه الأهمية للدول والأشخاص، وجب علينا أن نتعلم كيف نجد المعلومات ونستخدمها؟، وكيف نتيقن منها؟، وما مصدرها؟
ولنتعلم مما قاله العالم «هربرت سيمون» والحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 1978: «إن معنى (المعرفة) قد تحول من القدرة على تذكر المعلومات واستعادتها إلى القدرة على إيجاد المعلومات واستخدامها».
لقد اختلفت إستراتيجية التعليم من التركيز على حشو المعلومات في عقول الطلاب، (والتي أثبتت التجارب أن الطالب ينسى ما حفظه بمجرد خروجه من الامتحان، بل في بعض الأحيان قد ينسى ما حفظه بمجرد كتابته في ورقة الإجابة، فهو بهذه الطريقة كمن يحمل حملا ثقيلا ويتمنى أن يصل بأسرع ما يمكن إلى وجهته، كي يريح نفسه من هذا العناء) إلى إستراتيجية تنمية مهارة التفكير الناقد ومهارة الوصول إلى المعلومات.
لقد اعترف أينشتاين -عبقرى الرياضيات- عندما سئل أنه لا يعرف عدد الأقدام الموجودة في الميل الواحد، ذاكرا سبب عدم المعرفة: «إنه لم ير أى مدعاة كي يثقل عقله بمعلومة يمكن معرفتها بسهولة من أي مرجع».
وكذلك تبين ذكاء «هنري فورد» -مؤسس مصنع فورد للسيارات- وغباء من اتهموه بالغباء -كما نقول بالعامية: الشتيمة تلف تلف وترجع لصاحبها- فحينما نشرت إحدى الصحف الأمريكية والتي تدعى «شيكاجو تريبون» مقالا وصفت فيه «فورد» بالغبي، أخذ المقال وذهب به إلى المحكمة، وإذ بالقاضي يطلب من ناشر الصحيفة أن يثبت أن «فورد» غبي بالفعل، فيسأله محامو الناشر أسئلة كثيرة لم يستطع الإجابة على الكثير منها مثل: أسماء الرؤساء، وتواريخ هامة بالنسبة للأمريكيين.
لقد قال للقاضي عن سبب عدم معرفته بإجابات هذه الأسئلة: أنه لا يعرف الإجابات شخصيا، ولكنه يستطيع استئجار أي شخص يجمع له تلك المعلومات.
لم أقصد مما سبق أن أشجعك على عدم تعلم مهارة التذكر، فلا مفر من تعلمها، والحاجة الشديدة إليها.
ما أسعى إليه أن تتنبه في عصر كثرت فيه المعلومات، أن تتعلم، كيف تحصل على المعلومة الصحيحة الحقيقية الموثوقة؟، وأن تتعلم، كيف تستخدمها فيما ينفعك؟ فما الفائدة من العلم إن لم يتم تطبيقه والاستفادة منه في الحياة.
نصيحة: لا تطبق ما قاله أينشتاين عند دخولك الامتحان، لأنك ستجد المعلومة في المرجع، ولكنك ستجيب عنها في امتحانات الراسبين.
@4OwqbxwlHGmuvVq