%1.8 نسبة نمو الاقتصاد على أساس شهري في المملكة المتحدة خلال مايو الماضي مقارنة بشهر أبريل السابق لهعانى الاقتصاد العالمي من انكماش حاد في الأشهر الثلاثة الممتدة حتى شهر يونيو الماضي، وأصبح من الواضح أن قوة تعافيه ستعتمد بشكل كبير على نجاح الجهات المسؤولة في منع تفشي وباء فيروس كورونا المستمر.«توضح الإحصاءات الأخيرة أن الانخفاض العالمي في النشاط الاقتصادي انتهى إلى حد كبير في شهر أبريل، حيث شهد مايو ويونيو ارتفاعات قياسية».
وفي الغالب، ستظهر أحدث أرقام النمو الاقتصادي في الدول المختلفة، التي من المتوقع نشرها في الأسابيع المقبلة، أن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة الركود في النصف الأول من هذا العام، وانكمش في الربع الثاني بأسرع وتيرة له في أوقات السلم العالمي، منذ أن بدأت السجلات الحديثة بعد الكساد الكبير (أزمة اقتصادية مر بها العالم في عام 1929 مرورًا بعقد الثلاثينيات).
ورغم أن بوادر الانتعاش الاقتصادي العالمي بدأت بالفعل، ولكن هناك إشارات مختلطة حول صحة هذا الانتعاش ومدى قدرته على الصمود. وخلال الفترة الماضية، عادت بعض القطاعات إلى العمل بشكل سريع أكثر مما كان متوقعًا، وتشمل تلك القطاعات البيع بالتجزئة والتصنيع. ولكن على الجانب الآخر يمكن القول إنه حتى يصبح لقاح كورونا المستجد متاحًا على نطاق واسع، سيكون للارتفاعات في عدوى الفيروس تأثير محبط على النشاط الاقتصادي.
ويقول تاو تشانغ Tao Zhang، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، في خطاب ألقاه هذا الشهر: «في غياب حل طبي جذري، تظل قوة تعافي الاقتصاد العالمي غير مؤكدة إلى حد كبير».
وتقدر المفوضية الأوروبية أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو كان أقل بنسبة 13.6% عما كان عليه في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، عندما انخفض الناتج بنسبة 3.6% - وهو أكبر انخفاض منذ بدء التسجيل في عام 1995.
وفيما يخص الاقتصاد الأمريكي، قدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا في التاسع من يوليو الماضي انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 10.3% في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول. وإذا ثبتت دقة هذه النسبة، فسيكون هذا الانخفاض المتوقع أكبر بأربع مرات من الانخفاض، الذي شهده الاقتصاد الأمريكي في أسوأ ربع عام بعد الأزمة المالية لعام 2008. مع ملاحظة أنه في بداية شهر يونيو، كانت الأرقام تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سينخفض بنسبة 18% تقريبًا.
وتشير الأرقام التي ظهرت مؤخرًا في أجزاء أخرى من العالم أيضًا إلى الانخفاضات الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني. وقالت سنغافورة يوم الثلاثاء الماضي أن اقتصادها انكمش بنسبة 12% في الربع الثاني.
وبالرغم من ذلك، توضح الإحصاءات الأخيرة أن الانخفاض العالمي في النشاط الاقتصادي انتهى إلى حد كبير في شهر أبريل، حيث شهد مايو ويونيو ارتفاعات قياسية. وفي المملكة المتحدة، وهي واحدة من عدد قليل من الدول، التي تنشر أرقاما شهرية للناتج المحلي الإجمالي، نما الاقتصاد بنسبة 1.8% في مايو مقارنة بشهر أبريل.
وتسبق الصين أغلب الاقتصادات العالمية الكبرى الأخرى بشهرين، فبعد أن بدأت إدارة بكين الإغلاق الناتج عن فيروس كورونا في أواخر يناير قامت الدولة برفع العديد من هذه القيود في أبريل. وأكدت الدولة يوم الخميس الماضي أن اقتصادها نما في الربع الثاني وبوتيرة أسرع من المتوقع، وهو نمو تتمنى الدول الأخرى تحقيقه في الربع الثالث من هذا العام.
وتشير الأرقام في مناطق أخرى من العالم إلى السير في نفس الاتجاه، حيث سجلت منطقة اليورو زيادات بنسبة 17.8% في مبيعات قطاع التجزئة، و12.4% في الإنتاج الصناعي لشهر مايو. وأكدت وزارة التجارة الأمريكية يوم الخميس الماضي أن مبيعات قطاع التجزئة الأمريكي ارتفعت بنسبة 18.2% في مايو، و 7.5% في يونيو.
وتسببت هذه المؤشرات الإيجابية وغيرها من الإحصاءات في انتشار حالة من التفاؤل الاقتصادي بين البنوك المركزية، حيث قال محافظ بنك إنجلترا أندرو هالدين Andrew Haldane في خطاب ألقاه بـ 30 يونيو: «حتى الآن، ينمو الاقتصاد البريطاني على شكل حرف V»، وهو ما يعني انخفاضًا حادًا في الناتج المحلي الإجمالي للدولة يليه ارتفاع حاد مماثل.
لكن الأسابيع الأخيرة أثارت أسئلة جديدة حول قوة الانتعاش الاقتصادي. فعلى وجه الخصوص، هناك علامات كثيرة على فقدان الزخم الاقتصادي في الولايات المتحدة حيث يسبب ارتفاع معدلات تفشي فيروس كورونا في العديد من الولايات الأمريكية، السلطات إلى فرض قيود جديدة، ويدفع الشركات والمستهلكين إلى التراجع واتباع الحذر في بعض أنحاء البلاد.
وقال روبرت كابلان Robert Kaplan، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، في مقابلة عبر الفيديو تمت يوم الإثنين الماضي: «المشكلة هي مدى سرعة نمونا من هذا الانخفاض الكبير، الذي شهدناه في الربع الثاني، ولسوء الحظ فمع عودة المرض مرة أخرى، سيبطئ انتشار العدوى هذا الارتداد».
وعلى مستوى العالم، وفي المملكة المتحدة تحديدًا، تم إغلاق مدينة ليستر لاحتواء الزيادة في الإصابات، التي ظهرت في مصانع المنسوجات، في حين تم فرض عمليات إغلاق محلية على المدن الهندية، والعديد من أنحاء العالم الأخرى.
ويخشى الاقتصاديون من أن تفشي العدوى بهذا الشكل لن يقلل من النشاط الاقتصادي الحالي وحسب، بل سيجعل المستهلكين والشركات أكثر حذرًا من العودة إلى أنماط السلوك الاستهلاكي العادي أيضًا. وفي حين أن الحكومات أنفقت مبالغ ضخمة لضمان استمرار الأعمال التجارية، والحفاظ على دخول الأسر، إلا أنها خصصت موارد أقل للاستعداد لما يحتمل أن يكون سلسلة طويلة من تفشي العدوى، حسبما يقول الاقتصاديون.
وقال محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق راندال إس. كروسزنر Randall S. Kroszner، الاقتصادي في كلية بوث للأعمال في شيكاغو، إنه من الضروري أن تقوم الحكومات بسرعة بتحسين قدرتها على تحديد واحتواء حالات تفشي العدوى محليًا، وسيتم ذلك جزئياً عبر زيادة الاستثمار في جمع البيانات.
وقال كروسزنر في مؤتمر عبر الفيديو: «إذا واصلنا التعرض لحالات تفشي العدوى، فقد يؤدي بنا ذلك إلى نمط نمو اقتصادي على شكل الحرف W»، وهو ما يعني مسار نمو اقتصادي يشهد انتعاشًا قصيرًا يليه تباطؤ جديد قبل أن يرتفع مرة أخرى.