وبحكم الديموقراطية واستقلالية المؤسسات الإعلامية عن سلطة الدولة فهي لا تراعي أحدا أو تحابيه، لكن من الممكن لها أن تتحيز وتتحزب بناء على خلفيات مالكيها السياسية وداعميها، وهذا هو الحال، فمعظم وكبرى المؤسسات الإعلامية في أمريكا مملوكة ومدعومة من قبل شخصيات ديموقراطية يسارية وهذا يفسر هجومها الشديد وغير المسبوق على ترامب بالتحديد كونه رئيسا جمهوريا، وكارها لهم.
وهذا ما دعاه أن يتخذ أساليب وطرقا قد يعتبرها البعض غير مناسبة، وحادة في التصدي لهم واستفزازهم، إلا أنها بوجهة نظري هي الحل الأنسب والأنجع ضد خصم يتخلى عن موضوعيته ومهامه الحقيقية، لينجر إلى زوايا ورؤى الحزب الذي يدعمه ويقف خلفه.
فعندما عجزوا عن النيل منه في قضايا سابقة، ومع استمرار ارتفاع نسبة شعبيته ورضا فوق الـ ٥٠٪ من الأمريكيين عن أوضاعهم المادية منذ تولي ترامب للرئاسة، وجدت هذه المؤسسات الإعلامية لنفسها فرصة قد لا تعوض بتداعيات أزمة كورونا على وضع ترامب السياسي المقبل، فنجدها تحاول إحراجه والضغط عليه في كل مؤتمر صحفي يخرج به من خلال تسليط الضوء على ردود أفعاله وأقواله، والمبالغة بها أثناء عرضها على الرأي العام، كما أن في رفضها الدائم لما يفعله ترامب ويقوله إشارة واضحة على تحيزها، حتى وإن كانت تخدمهم محليا، أو تخدم العالم، إذ أنجز إنجازات مهمة جدا، حيث أنعش الاقتصاد الأمريكي إلى درجة خفض معدل البطالة لأدنى حد منذ ٥٠ عاما، وسحبه للاتفاق النووي مع إيران الذي قام به الرئيس الأسبق أوباما، وضغوطه السياسية والاقتصادية المستمرة عليها، وفي هذا رحمة للعالم من جنون وإرهاب النظام الإيراني.
هذه المؤسسات الإعلامية لم تقتصر على ذلك فقط، بل هي تحاول الآن تحميله ذنب هذه الكارثة الصحية بالمقابل تبرئ الصين من مسؤولية تفشيها وانتشارها من خلال كبت الحقائق وإخفاء مكتشفيها قسرا، بالإضافة لغضبها من سحب الدعم المالي المدفوع لمنظمة الصحة العالمية التي تعتبر شريكا للصين بهذا الجرم.
وبدلا من لوم الصين أخذوا على عاتقهم الترويج لتحركاتها المتأخرة عندما أرسلت معدات طبية لبعض الدول كإيطاليا، مظهرينها بذلك بمظهر الدولة الإنسانية، مبشرين بتسيدها وقيادتها للعالم كما يفعل المفكرون اليساريون ليلا ونهارا من خلال هذه المؤسسات.
يسعني القول بأن المؤتمرات الصحفية التي أقامها البيت الأبيض كشفت وبشكل لا يغفله العقل عن أن الهدف الحقيقي لحضور منسوبي هذه المؤسسات الإعلامية ليس متابعة التطورات والمستجدات المتعلقة بكورونا، بقدر ما تهدف إلى النيل من شخص ترامب، فباعتقادي أنهم سيرحبون وجدا باستمرارية الوباء وعدم انتهائه إن كان في ذلك خسارة ترامب لشعبيته ولمنصبه.
@naevius_