أطفال كثيرون باتوا ينظرون بعيون مختلفة إلى أيام المدرسة رغم ثقل دمها، ورغم جبريّة الإفاقة صباحًا بأجفان يملؤها النوم أو النعاس على الأقل، فهي أمام ارتهان البيت، وسأم كل ما هو متوفر من الألعاب من الآيباد إلى السلم والثعبان والمونوبولي وحتى الكيرم وما يمكن أن يتم اختراعه لتبديد الضجر، أصبحت بكل ما كان يشوبها أقلّ قسوة على أولئك الأطفال من دوامة الحركة الضيقة ما بين غرفة النوم إلى الصالة إلى ما هو متاح من زوايا المنزل ثم العودة مجددًا إلى نفس السيناريو، خاصة أولئك الذين يعيشون مع أسرهم في مساكن صغيرة أو شقق ضيقة، حيث تفرض المساحة أحكامها على السكان، وتتحول إلى قيد يؤذي أنفس الطفولة التي جبلت على حب الحركة والانطلاق، والتحلل من القيود.
فيما مضى، وفي تقديري، لم يكن بوسع وزارة التعليم مهما فعلتْ أن تجعل بيئة المدرسة منافسًا لبيئة البيت، «ولا تحلم» إلا في حال أنها استنسخت التجربة الفنلندية مثلًا بقضها وقضيضها وهذا مستحيل لتباين الثقافات، لكني أعتقد أن كورونا على كل ما فيه من اللؤم والفظاظة والعدوانية قد قدّم للوزارة فرصة لا تُقدّر بثمن لترطيب وتطييب علاقة التلاميذ بمدارسهم، بشرط أن تبادر الوزارة إلى إحداث تغييرات نوعية على بيئة مدارسها شكلًا ومحتوى، لتستفيد من هذا التغيّر الذي طرأ على علاقةٍ طالما اتّسمتْ بالجفاء والجفاف بين التلميذ والمدرسة. وهي فرصة سانحة لو استثمرتها الوزارة لاستطاعتْ أن تنجز الكثير فيما يخص هذه العلاقة المضطربة التي (ياما) جعلتْ التلاميذ يتحيّنون الفرص للإفلات ما أمكن من المدرسة وأجوائها الصارمة. فهل تستثمر الوزارة هذا التحوّل «النادر» الذي فرضته ظروف الحجر لبناء علاقة أكثر حيوية وحميمية وأُلفةً بين التلاميذ ومدارسهم؟.
هذا هو ميدان الرهان!!.
[email protected]