إننا قد نعتصر ألما لأمر ما، قد نعاني من الألم النفسي عند فقد عزيز، وعند مرض قريب، وعند أي خسارة تصيبنا، نألم مما يقدره الله علينا لكننا لا نخالف الواجب الشرعي بل نسلم للمصاب بلا تذمر، وكل ألم يحيطه المؤمن بأمل واحتساب فالمصاب ذو النتائج الدائمة نؤمل بتعويض من الله لنا به خيرا، وأما المؤقتة فنرجوه أن تزول وهو سبحانه عند حسن ظن عبده به، قد تألمنا ونتألم لعدم أداء الصلاة في المساجد ونسلم بما قدره الله وقضاه، ومع الألم أمل وليس مع التسليم تذمر ولا تأزيم، فنحن قوم مؤمنون بأن من شرع الصلاة في المساجد هو سبحانه من شرع لنا إجابة نداء «صلوا في بيوتكم»، وقد صدرت الفتوى محققة لمقاصد الشريعة فالتزمت الدولة بها، وأمرت الناس بأداء فروض الصلاة في البيوت دون المساجد، فالتزموا ذلك لأن الأمر ما صدر إلا لتحقيق ما جاءت الشريعة بحفظه، إذ قد ثبت من خلال وقائع الأمور لدينا ولدى العالم أجمع، أن هذه الجائحة إنما تنتشر ويزيد انتشارها باجتماع جمع من الأصحاء ولو بمريض واحد، ولخطورة الأمر في مضاعفة زيادة عدد المصابين وارتفاع نسب الوفيات في المجتمع جراء ذلك كانت الفتوى، فكيف يجرأ من قصر اجتهاد عقله في المسألة على ما وسعه جهده ليخالف هذه الفتوى التي تتماشى مع مقاصد الشريعة، وليشاق ما توافق عليه العلماء والحكماء مع ذوي الاختصاص من أطباء ومراقبين وغيرهم، ولأن هذا المخالف قد يجد منفذا لعقول البعض من مدخله لقلوبهم بتلاعبه بمشاعر العامة بنكث جراحهم وتأجيج عواطفهم لفقد الجميع لأمر لا شك أنه عظيم وهو أداء الجمعة والجماعات في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فلنواجهه بشرع الله، وأنه لا شك أن فقدنا لهذا الأمر عظيم لكنه أمر مؤقت - بإذن الله - فيسهله الله مقارنة في الفقد الدائم المحتمل لنفس حث الله على حفظها ولم تستثن الشريعة لتعمد قتلها ظرفا من الظروف مع إمكانية حفظها، والمؤكد أن تشريع «صلوا في رحالكم» هو تشريع نبوي يلزم أن يتقبله الناس بتعبد لله بكل انقياد حال مشروعيته لخوف أو خشية وقوع أذى من مطر أو رياح ونحو ذلك مما يوجب امتناع حضور الناس للمسجد، وقد فصلت ذلك الفتوى وقبلناها جميعا تدينا لله وطاعة له ولولاة الأمر من أمره سبحانه، فعلينا إذن مكافحة أولئك الذين ينتهجون منهج الفتنة أينما وجدوا بل وأرى إبلاغ الجهات المعنية إذا تجاوز الأمر إلى الدعوة للخروج على ولاة الأمر لأنه سيغدو بهذا من الإفساد في الأرض، وربنا هو الذي جعل إحياء نفس واحدة كإحياء الناس جميعا بعد أن بين أن من قتلها فكأنما قتل الناس جميعا فقال جل من قائل «مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ» فاللهم الطف بنا يا كريم وارفع ما بنا من ضر يا رحيم.