تقدمت دبلوماسية في السفارة الإيطالية في الجزائر بشكوى لمركز الشرطة، تلك الشكوى لم تكن ضد طرف قام بسرقة مال معين أو أعمال عنف أو جناية ولا حتى قذف بالكلام الجارح أو ما يخل بالشرف أو الأمانة، بل إنها لم تكن ضد آدمي أو آدمية رغم أنها لم تخرج عن الكائنات الحية إلا أنها خرجت عن بني البشر فكانت ضد (سردوك)، وهذا المسمى يطلق على الديك عند الجزائريين، حيث إن الدبلوماسية (السنيوريتا) الإيطالية يزعج حضرتها صياح صديقنا السردوك كل صباح فقامت بتقديم بلاغ في الشرطة، هنا هبت الأخيرة وقام خمسة شرطيين بالفور بتحديد مكان السردوك المتهم، وفعلا باشروا المكان وقاموا باعتقاله جهارا نهارا وعيانا بيانا أمام دجاجته وصيصانه، وقاموا بحبسه حتى انتهاء التحقيقات ومن ثم إصدار حكم الإدانة من عدمها. هذه قصة نقلها الأستاذ إياد الحمود عبر حسابه، وهنا جاء دوري بأنني نقلتها مع قليل من بهارات الابتسامة الساخرة، وأيضا كم تمنيت أن أكون محاميا بالمجان لهذا السردوك حتى آخر درجات التقاضي، لأقدم دفوعاتي التي ستجعل القاضي ينطق من أول جلسة (حكمت المحكمة على المتهم السردوك حضوريا بالبراءة) خاصة أنها قضية إنسانية بحتة حتى أجعل السراديك الحاضرة تغني طربا وابتهاجا في أروقة المحكمة (يحيا العدل، يحيا العدل)، فأول ما سأثبته بأنه مارس حقا مشروعا مكنه الله منه وهو الصياح في أوقات الذروة وليس في منتصف الليل، كما تستخدم السنيوريتا الإيطالية بوق سياراتها وقد يكون في الصباح أيضا، فلو كان ذاك السردوك يقطن في ذلك الشارع لكان من حقه تقديم بلاغ للشرطة ضدها، ثانيا لماذا يحبس السردوك فهو لم يقترف جرما ولا جناية يضلل بهما العدالة، فكان حريا بالسلطات هناك أن تكتفي بكفالة وضمان من أحد السراديك أقربائه وإحضاره متى ما لزم الأمر، والأهم أن هذا الحبس قد تسبب في تشتت اجتماعي أسري، حيث إن صاحبنا السردوك يعيل دجاجته وصيصانه السبعة على حد قول صاحبه، وبالتالي فإن ما يؤول إليه هذا التشتت أكبر وأكثر سوءا بكثير من إزعاج أذني السنيوريتا، خاصة أنها تسمع صياحه خمس مرات في الأسبوع فقط إذا اعتبرنا يومي العطلة الأسبوعية، وبالتالي فإن خمس مرات في الأسبوع صباحا لدقيقة أو اثنتين لا تشكل حدا كبيرا ولا متوسطا من الإزعاج، لأنني أجزم لها بأن هناك مراجعين للسفارة مزعجين صوتا وشكلا أكثر بكثير من السردوك المظلوم. وإني من هذا المنبر أطالب بإطلاق سراحه على الفور دون قيد أو شرط، بل وتعويضه ماليا ومعنويا، وكذلك أسرته الكريمة على ما حصل لهم من غياب والدهم المجحف بحقهم، وأيضا تعويض صاحب السردوك ماليا ومعنويا حيث إنه تكفل بمهامه أثناء غيابه مما زاد من حجم مسؤولياته ووقته. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: (النوايا الطيبة لا تخسر أبدا) في أمان الله.
@Majid_ALSuhaimi