أحد المسؤولين السابقين بجامعتي، جامعة الملك فيصل، التي أحب، قال لي يوما: (حميتك من نفسك). وقد ساهم بجدارة في حجب كتابي الأول من الظهور، كان بعنوان: [قبل أن تنضب المياه]. منع نشر الكتاب وقد أقرته بقية مجالس الجامعة ذات العلاقة. وثبت لي أنه سعى ليحمي نفسه من وهمٍ تخيله. كذب الكذبة على نفسه وصدقها.
حرّض ضد الكتاب. واقتص الكثير من نصوصه، ثم أرسل الكتاب لمحكمين من خارج تخصص الكتاب والمؤلف. وهذه خطوة غير نظامية. فهم المحكمون الرسالة، فأوصوا بعدم نشره، وهذا طبيعي، لأنه خارج تخصصهم الأكاديمي. وكانوا يعون ذلك جيدا. أتساءل لماذا حكّموه، وكان الاعتذار أسلم، في ظل الأمانة العلمية التي كان يجب أن يتحلّوا بها؟. هل كان الإصرار على تحكيمه بسبب مكافأة التحكيم، وهي لا تزيد على (500) ريال. حاولت أن أترفع بهم فلم أستطع، وقد عرفتهم جميعا.
في إحدى المراحل طلبت من هذا المسؤول سحب الكتاب، فرفض، وامتدح الكتاب موضحا أهميته. فهل كان يكذب؟ عاودت المحاولة في وقت آخر، ورفض سحب الكتاب. لكن إصراره على إلغاء بعض نصوصه، أكد لشخصي أن الخوف قد سيطر عليه. لماذا اعتراه الخوف من الحقائق التي وردت في الكتاب، وكل أبحاث الجامعات بهدف معرفة الحقائق؟ كررت طلب سحب الكتاب للمرة الثالثة، فرفض الطلب. وقال الكتاب مهم ويجب نشره. أيضا طلبت عدم حذف أي نص قبل التحكيم، فرفض. ثم وضعني في نفق حيص بيص، إلى أن استطاع وبتميز، وأد الكتاب بشكل نهائي، وبطريقة مهينة لشخصي، وللكتاب، وللجامعة، وللعلم، وللحقائق، وللمستقبل، ولمسؤوليته.
في خطوة أخرى، أرسلت بالكتاب للوزارة المعنية بتصاريح نشر الكتب. فتمت معاملته كأداة إدانة، حيث قال محكموه: (لم يتحدث عن إنجازات الوزارة). كان المحكمون من هذه الوزارة، ويتحدثون عن وزارتهم.. وأوصوا بعدم نشره.
لا حقائق علمية تثني. لا مسؤولية تردع. توجهات شخصية قاصرة كانت يتم فرضها. بالنسبة لكاتبكم أقول: لا كثر الله من هذا الصنف الذي يحجب الحقائق العلمية، ويمنع دماءها الحارة من التدفق لصالح الوطن. مسؤولون زالوا وانقرضوا، وظلت حقائق الماء صادحة يسمعها كل عاقل وحكيم.
تخيلوا معاناتي من كل ذلك العجن واللت. كنتيجة أحرقت الكتاب بكل ما يحوي. فقد سبب لي الكثير من الأوجاع النفسية لمدة خمس سنوات، من التأليف إلى مراحل الأخذ والرد، وتضييع الوقت. فقررت كنتيجة، أن أنتقل للكتابة عن الجن والعفاريت، والقصص (الخنفشارية)، فمنحوها تصريحا بالنشر. وزاد هذا من أوجاعي. بعدها قررت نقل قضيتي عن المياه إليكم أيها القراء الأحبة، وذلك عبر المرافعات العلمية، في شكل مقالات ومقابلات ومحاضرات.
هذه قصتي.. التي أوصلتني إليكم.. أما قصتي مع الماء.. فسيكون لها كتاب خاص.. أعمل على تأليفه.. لصالح الماء.. سينتهي قريبا بعون الله. أخيرا أقول الحقائق ليست رأيا لأحد.