تبدو لنا الحياة شديدة الوطأة عندما نواجه سيلًا غير متناهٍ من الخيارات المربكة، فمَن هو الشريك المناسب لحياتي؟ وهل أستمر في الوظيفة أم أرحل؟ كيف سأتعامل مع المزعجين حولي؟ ومتى أبدأ الغذاء الأكثر صحة؟ إلا أن وراء كل هذه الخيارات المتعددة خيارًا حقيقيًا وحيدًا يقبع بين الحب أو الخوف، لكن التفكير المعقّد يجعلك تنسج شبكة من التعقيدات التي تجعل مصاعب العالم تبدو بلا مهرب، حيث تملك الأنا المزيفة طرقًا متعددة لاختلاق تصورات درامية عن الأحداث، وهذا ليس صحيحًا بالضرورة؛ لأن هناك دومًا معبّرًا أكثر سلاسة من ذلك الذي نسجه الخوف، وذلك باختزال كل خيار نواجهه في الانتصار للحب، ويالسهولة الاختيار بين شيئين مختلفين بالكامل، فالخوف يؤذي والحب يشفي، وكل ماعدا ذلك محض تفاصيل، وفي كل مرة تختار فيها خيارًا فأنت تغفل عن حقيقة أن اختيارك هو تقييمك لنفسك، فحين تختار الشحّ لن تنعَم بالوفرة، لأنك حكمت على نفسك بأنك لا تستحقه، وحين ينصحك البعض بأن تكون واقعيًا، فهو يطالبك بأن تظل محدودًا مكبّلًا بالخوف، وأن تعيش متوترًا؛ لأن العالم يهددك عند كل منعطف، وحين تتكرر أي كذبة سوف نشرع في تصديقها، وننسى حقيقة ما نملكه وما نكون، فقد تبنّى اللا وعي بداخلنا مجموعة هائلة من المبرمجات التي تملك تأثيرات جبّارة في تفسير العالم حولنا لصالح أن تبدو التعاسة كأنها نصيب الإنسانية، لكن العلاج الوحيد لذلك الوهم هو في التحرر من براثن تلك المبرمجات، واستعادة هويتنا الروحية الحقيقية، واليقين بأن عالمنا هو من صناعة أفكارنا، وأنه لا أحد يملك القدرة على سرقة سعادتنا ما لم نمنحه إياها.