DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العمران: تجربة غازي القصيبي الشعرية امتدت للعالمين العربي والإسلامي

العمران: تجربة غازي القصيبي الشعرية امتدت للعالمين العربي والإسلامي
قال الباحث أسعد عمران العمران إنه حاول من خلال دراسته «الصورة الشعريّة في شعر غازي القصيبي» التي نال عليها درجة الماجستير من جامعة البحرين أن يكشف عن تطور الصورة الشعرية عنده، مشيرا إلى أن جمع القصيبي بين الرواية والشعر كان رافدا مهما في نجاح تحوله إلى نمط القصيدة الحديثة، رغم تأخره في هذا التحول. وأكد أن ما جذبه لدراسة شعر القصيبي هو إجادته الرسم بالكلمات، وتوظيفه الصورة الشعرية بشكل فني، وثراء تجربته الشعرية التي امتدت من مجتمعه السعودي إلى مجتمعه الخليجي، ثم مجتمعه العربي والإسلامي، وأن دراسة الصورة الشعرية لديه، في حد ذاتها إضافة كبيرة للحركة الأدبية، لأن الدراسات السابقة لم تمنح هذا الجانب حقه من الاهتمام.
» الصورة الشعرية
ما أهمية الصورة الشعرية من الناحية الفنية؟ وما سبب اختيارك للأديب غازي القصيبي موضوعا للدراسة؟
- الصورة الشعرية واحدة من أبرز العناصر التي يستخدمها الشعراء في كتابة قصائدهم والتعبير عن أحاسيسهم وأفكارهم، وتصوراتهم للكون والحياة، وهي أحد أهم الركائز التي تكشف عن الجوانب الخفية في التجربة الفنية، لأن القصيدة فكرة تقوم على الصورة، وعنصر التصوير في الشعر والنقد من أهم عناصر العمل الفني، لذا تعد الصورة ميدانا رحبا للإبداع، فهي أداة فنية يقوم عليها البناء الشعري، وينكشف بها تمايز المبدعين؛ وتناولت الدراسة الصورة الشعرية عند غازي القصيبي، مستعينة بالمنهج الأسلوبي بهدف كشف الإبداع التصويري عنده، وتطور الصورة في شعره، وملامحها، وتجلياتها وأبعادها الدلالية، فهو من الأدباء الذين أجادوا الرسم بالكلمات، ووظفوا الصورة بشكل فني في شعرهم، وجمعوا بين الرواية والشعر، وأجمع كثير من النقاد على جودة تجربته الشعرية وتنوعها، وامتدادها من مجتمعه السعودي إلى مجتمعه الخليجي، ثم مجتمعه العربي والإسلامي، والشعر عند غازي القصيبي هو الصورة حيث عرّف الشعر تعريفا تصويريا بقوله: الشعر قفز لحظة من الحياة في نغم.
» المنهج الأسلوبي
ما مدى تأثير المنهج الأسلوبي على هذه الدراسة؟
- أتاح المنهج الأسلوبي دراسة مستويات تحليل مختلفة، تبدأ بدراسة أنظمة الأبنية والأشكال، وتنتهي بدراسة المعنى بصفته مكونا أساسيا من مكونات النص، فالأسلوبية ترسم تأملها لعالم النص رسما تتعدد فيه القراءات، فهي تتأمل البنى الصوتية والإيقاعية والمعجمية، وتتأمل البنية التركيبية النحوية والبنية الدلالية الجمالية، من دون تجاهل للسياق.
وجرى الوقوف على النصوص ودراستها بناء على الظواهر الأسلوبية المرتبطة بتشكيل الصورة، وتطبيق معاييرها، وركائزها في شعر القصيبي، وبيان مدى ارتباطها بالجوانب النفسية والوجدانية في تطور الصورة عنده، ومعروف أنه جمع في نصوصه الأدبية بين التيار الأدبي القديم والحديث، فأدخل الدراما في شعره، ما أثرى البحث من خلال المقارنة الأسلوبية لتشكيل الصورة الشعرية عنده.
» تقنيات الصورة
ما الجديد الذي أضافته الدراسة عن القصيبي؟
- التركيز على دراسة الصورة الشعرية في شعر غازي القصيبي، هو في حد ذاته إضافة لحركة الأدب، تكمن في تكوين إطار أساسي لتجربته الشعرية الثرية، والمادة العلمية التي قدمت عنه -رغم وفرتها- لا تغطي هذا الجانب، فهي دراسات عامة لشعره، ولم تختص بشكل مباشر بتقنيات الصورة الشعرية، لذا حرصت الدراسة على تقديم ما لم يُطرق في الدراسات السابقة عن غازي القصيبي، من خلال التركيز على العلاقة بين اللغة وطريقة رسم الصورة عنده، وأثر ثقافته على تحولات الصورة في شعره، ومدى تأثره بمن سبقه من الشعراء، وبمن عاصره في المدة التي عاشها، وأثر الجانب النفسي في تكوين الصورة الشعرية عنده، والعلاقة بين الجانب الوجداني والجانب الرؤيوي والجانب الدرامي لديه، والعلاقة بين الرواية والشعر في أدبه، وكيف تطورت الصورة الشعرية عنده.
» تطور القصيدة
دعنا ننطلق من النقطة الأخيرة، ونسألك: كيف تطورت الصورة عند القصيبي من خلال نتائج هذا البحث؟
- الصورة إدراك عام يرتبط بالأفكار، والقصيدة ليست رصفا أو وصفا لتشبيهات وصور جزئية، فهناك ما هو أشمل من ذلك بكثير مما يشمل بناء الصورة الشعرية، والصورة الكلية ترتبط عند غازي القصيبي بفكرة القصيدة، وانطلاقا من مفهوم الصورة فإن تطور القصيدة يقوم على ارتباطها بالصورة، وتجربته الشعرية أثرت على رسمه للصورة وتجسيدها من خلال منعطفات التحول في حياته، والتي ظهرت بشكل واضح في شعره، فالنقلة التي أحدثها ديوان «معركة بلا راية» لنظرة القصيبي للرؤية والحياة أحدثت تحولا كبيرا في بناء الصورة عنده، فكان الديوان منعطفا فنيا كبيرا انتقل معه القصيبي من مرحلة التصوير الوجداني إلى مرحلة التصوير الرؤيوي، كما أن النقلة التي أحدثها ديوان «سحيم» في تجربة غازي الشعرية، حولت القصيدة إلى الإطار الحديث الذي تناغم مع عنصر الرواية لتجسيد الصورة الدرامية بكل معانيها، ولنأخذ مثلا على هذا التحول للصورة في شعر غازي القصيبي وهو صورة المرأة في هذه المراحل الثلاث.
وشكلت المرأة جانبا محوريا مهما في تكوين الصورة عند القصيبي، ففكرة غياب الأنثى سيطرت على وجدانه وأحاسيسه، وجسدت صورة الألم، وصورت الشعور بالظمأ، فكونت الصورة الوجدانية، ثم تطورت نظرة الشاعر إلى المرأة في المرحلة الثانية من التجربة، فأصبحت رمزا للإنسانة المعينة على الشدائد، ورمزا للوطن ومثلا للعطاء، فتشكلت من خلالها الصورة الرؤيوية، ثم ارتقت المرأة في الصورة الدرامية لتكون رمزا للحرية، وتحررا من العبودية للأشخاص، وما يقال عن المرأة يقال عن الصحراء التي تجسد صورة المكان، فقد مثلت الصحراء رمزا تحرك القصيبي من خلاله ليعكس تحولاته الشعورية، فتارة تكون مكانا للزوابع والعواصف والفقر فترمز إلى الخوف، وتارة ترمز لليأس، وربما كانت تعبيرا عن نشوة الانتصار فتجسد القوة وتصبح رمزا للعزة والإباء.
» تقنيات فنية
ماذا عن العلاقة بين الرواية والدراما في شعر القصيبي؟
- جاء تحول غازي القصيبي إلى نمط القصيدة الحديثة متأخرا، لكن جمعه بين الرواية والشعر كان رافدا مهما في نجاح تحوله إلى نمط القصيدة الحديثة رغم مجيئه متأخرا، حيث انسجم مع التسلسل الزمني لكتابة القصيدة الحديثة بفعل تزامنه مع الأعمال الروائية، واستفاد من تداخل الأجناس الأدبية، ووظفها ببراعة في النص الشعري، من خلال الاستعانة بالتقنيات الفنية، فهو يستعير تقنية الحوار من المسرح، وتقنية المونتاج من التصوير، بالإضافة إلى الاستفادة من الرواية والقصة القصيرة في النص الشعري، وهذا الانفتاح بين الأجناس الأدبية المختلفة يتيح للشاعر الإبحار في مجال القصيدة الحرة، ويتيح للنص أن يمثل على خشبة المسرح، وهو ما تجسد بوضوح في نص «سحيم»، كما يستثمر القصيبي الموروث الديني والتاريخي والأدبي الموجود في الرواية ليخدمه في النص الشعري، فقد يستدعي الشخصيات التراثية بكثرة في شعره، خاصة في النص الدرامي، حتى يؤلف أصواتا تتماشى مع أصوات قصته، إلى جانب التناص والقناع، وبذلك يعطي الصورة الدرامية عمقا دلاليا وبعدا جديدا.
» قصيدة سحيم
هل لنا أن نتعمق في نص «سحيم» الذي عالجته الدراسة دراميا، فنسأل عن سبب اختيار غازي القصيبي لشخصية سحيم عبد بني الحسحاس ليكون ديوانا بنص واحد؟
- تتأسس قصيدة «سحيم» في ضوء تداخل شديد بين القصيبي وسحيم عبد بني الحسحاس، وما يربط بينهما هو الثيمة المركزية في النص وهي الحب، وتقمص معنى الحرية، من خلال الدخول مع نساء القبيلة في عشق وصوت شعري واحد. وشكلت فكرة المقارنة بين شخصية سحيم العبد الرقيق وغازي القصيبي المنحدر من طبقة ارستقراطية، مفارقة نفسية مهمة سيطرت على وجدان القصيبي وأحاسيسه وضربت في أعماقه، فأسهمت في بناء الصورة الدرامية وأسست لفكرة القناع والصورة في شخصية سحيم، فالقصيبي يوظف القناع في القصيدة الدرامية ببراعة ليوصل صوته إلى القارئ عن طريق صوت قناعه، مستفيدا من تعدد الأصوات في النص الدرامي، وكان القصيبي منوعا في الأقنعة، فقد يستخدم القناع في موقف معين، أو يمتد القناع من الاستهلال إلى نهاية القصيدة، كما فعل في قصيدتي «سحيم» و«الأشج».
حاولت الكشف عن الجوانب الخفية في شعر القصيبي
دراسة الصورة الشعرية للقصيبي إضافة للحركة الأدبية
جمعه بين الرواية والشعر أسهم في نجاح تحوله إلى القصيدة الحديثة
استفاد من تداخل الأجناس الأدبية ووظفها في نصه الشعري