حالة تلك المطاعم التي قدمت نموذجا سيئا لاختراق نظام المنافسة تؤكد أهمية دور الهيئة في تفعيل منظومة المنافسة وحماية المستهلك والاقتصاد الوطني من الكسب غير الشريف الذي يزايد على حقوق المواطنين في الحصول على خدماتهم بالأسعار المناسبة التي تقوم على قدرات شرائية يتم النظر فيها وفقا لقراءات ومؤشرات اقتصادية كلية، والعبث بها على نحو ما حدث في نموذج المصانع يعتبر أكثر من مخالفة وأقرب لجريمة بحق الاقتصاد الوطني والأفراد الذين يطلبون الخدمة، إذ لا مصلحة حقيقية من تجاوز النظام على المجتمع وإنما لصالح أفراد لا يتوقفون عن استنزاف القدرة الشرائية للمواطنين والتضييق عليهم بالغلاء غير المبرر.
حين يتم تسعير سلعة فإن ذلك يرتكز إلى مقومات ومعطيات من واقع الاقتصاد كعلم، فالمواد الخام التي يتم تحويلها إلى خدمات وسلع يتم تقديمها من قبل الدولة للقائمين بالخدمات بأسعار مناسبة حتى ينعكس ذلك على الواقع الفعلي لما يمكن أن ينفقه المواطن، والقفز على ذلك بصورة عشوائية بعيدا عن الفائدة التي يكتسبها مقدم الخدمة من الدولة تعني تلقائيا تحقيق مصلحة خاصة لا تقر بدور الدولة في تنظيم السوق، ولا يعني اتفاق جهتين أو ثلاث جهات على سعر محدد أن يم تعميمه لأن ذلك خاطئ ابتداء وغير قائم على أسس علمية وموضوعية من صميم النشاط الاقتصاد.
إذن دور هيئة المنافسة يظل حيويا في ضبط مثل هذه التجاوزات التي تنهك القدرات الشرائية وتتسبب في فوضى غير ضرورية في تسعير السلع والخدمات، والنص واضح في تحديد النظام الذي يخدم اقتصادنا وينهى عن التحكم في أسعار السلع والخدمات المعدة للبيع بالزيادة أو الخفض، أو التثبيت، أو بأي صورة أخرى تضر المنافسة المشروعة، وعليه لا خيار غير التزام أنظمة الدولة لأنها تراعي المصلحة العامة وتحمي المواطن من الفساد والإضرار بحقوقه الاستهلاكية، لأن ذلك في الواقع يعني شروعا في جريمة ومخالفة توجب الجزاءات التي تردع كل من تغلب مصلحته المصلحة العامة.